السبت، 28 ديسمبر 2013

الخروج المستحيل ... لماذا لا يمكن أن ترحل الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط؟



لماذا لا يمكن أن ترحل الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط؟

 

الخروج المستحيل

مايكل جيه توتن


مزاج أمريكا معتل.

فهي في غمار أسوأ اقتصاد منذ سبعينيات القرن الماضي، وعلى شفا الخسارة في حرب أفغانستان، وهي أطول حرب خضناها، وضد خصوم مذهلين في بدائيتهم.


ولو أمكن القول بأننا كسبنا حرب العراق، سيبقى حقيقيا أنها كبدتنا بلايين الدولارات، وآلاف الأنفس، وأن العنف لا يزال يسيطر على بغداد، مثلما الفوضى والخلل.

والربيع العربي المغالى في مدحه ألغوه في مصر. وتحرير ليبيا أفضى إلى اغتيال سفيرنا فيها. وسوريا تتحطم في حرب شاملة بين أشرار في الجانبين، بينما الولايات المتحدة واقفة على الهامش حائرة، مشغولة بحفظ ماء وجهها في هذه المرحلة أكثر مما هي مشغولة بأن يكون لها تأثير حقيقي على الأرض.

أغلبية الناخبين الأمريكيين من كلا الحزبين حسموا أمرهم. هم، بجلاء، لم يعد لديهم أدنى اهتمام بالمساعدة الخارجية بالمال أو بالنفس. حتى الكثير من محترفي السياسة الخارجية ضاقت صدورهم. فنحن نلام من الجميع على مشكلات الشرق الأوسط، حتى التي ابتلى بها نفسه. فيا لها من راحة تلك التي سوف نستشعرها إن نحن أدرنا لهم ظهورنا، ونفضنا الغبار عن أيدينا، وقلنا لهم أنتم وشأنكم.

لكننا لا نستطيع.

في الواقع، وبالنسبة لمصر، ربما نكون قادرين. وربما هذا ما يجدر بنا أن نفعله.

لقد كان حسني مبارك قائدا بشعا، وحليفا فاترا في أفضل الحالات، ولكن القاهرة كانت  ـ حتى قيام الجيش المصري باعتقاله في عام 2011 ـ جزءا من المعمار الأمني المدعوم أمريكيا في شمال أفريقيا وشرق المتوسط، وذلك منذ أن قام سلفه أنور السادات بإلقاء تحالف مصر مع الاتحاد السوفييتي في سلة القمامة.

وجاء انتخاب نظام الإخوان المسلمين غداة الربيع العربي لينقل مصر إلى خانة "الصديق في الظاهر العدو في الباطن". وهي لا تزال في هذه الخانة في ظل الحكم العسكري للجنرال عبد الفتاح السيسي، رأس الدولة المصرية الجديد بكل المعاني اللهم إلا المعنى الشكلي منذ أن قام الجيش بإبعاد محمد مرسي.

ليس السيسي أقل عداء للغرب مما كان عليه مرسي. ومثلما قالها "لي سميث" بعيد الانقلاب الثاني في فترة ثلاث سنوات، فإن زعيم مصر الجديد "لا يرى الولايات المتحدة أكثر من دعامة، أو تكأة يظهر بها كرجل قوي، عمدة قرية ينفخ صدره ويتباهى بأنه لا يخاف من مواجهة الأمريكان".

 يعرف السيسي بلده ويعرف ما يجتذب به الجماهير. فالشعب كله ـ من اليسار واليمين والوسط ـ معاد للولايات المتحدة اليوم شأن الأمس بالضبط. لا يهم أن يكون الأمريكان قد دعموا الانتفاضة ضد مبارك. لا يهم أن تكون واشنطن قد سعت إلى علاقات جيدة مع أول حكومة مصرية منتخبة انتخابا حرا منذ آلاف السنين. لا يهم أن إدارة أوباما ترفض أن تطلق على انقلاب الجيش تسميته الحقيقية الواضحة لكي تحافظ على تدفق أموال المعونات إلى مصر. كل ذلك ليس مهما. فالولايات المتحدة وصديقتها الصهيونية تبقيان في مصر رمزا للشر الخالص.

والاستمرار في تقديم رشوة ببلايين الدولارات من المعونات السنوية حفاظا على معاهدة السلام بينها وبين إسرائيل ودفعا لها لقمع الإسلام الراديكالي بات اليوم أقل منطقية حتى مما كان عليه في فترة حكم مرسي والإخوان. فلقد كان مرسي بحاجة إلى المال للحيلولة دون وقوع مجاعة في مصر. ومن ثم كان لديه حافز كبير للتعاون ـ أم شيء آخر.

والإخوان الآن خارج الصورة، وذلك جزئيا بأمر من السعودية، والرياض تقول إنها سوف تعوض الفارق في حال قيام واشنطن بإغلاق صنبور المعونة.

أغلقوها إذن. لأنكم لن تشتروا بأموالنا من السيسي شيئا ما دام يسهل عليه الحصول على بديل لها. وإذا كان سيحصل على نفس المال سواء أطاع البيت الأبيض أم لم يطعه، فلماذا يطيعه؟ إنه ليس صديقنا. إنه على بعد خطوة فقط من إحراق علم أمريكي في مظاهرة. ثم إن لديه كثيرا من الدوافع والأسباب الخاصة للسيطرة على الإسلاميين الراديكاليين بما أنهم يريدون تدميره. وجيشه هو المؤسسة المصرية الوحيدة التي ليس لديها أدنى اهتمام بالدخول في صراع مسلح مع إسرائيل لأنها المؤسسة التي سوف تعاني أكثر من غيرها أشد المعاناة.

نحن ندفع له إما بدافع العادة المحضة أو لأن واشنطن تتصور أنها قد تحصل على مقابل لهذا الاستثمار. وقد تحصل، وقد لا تحصل.

في كلتا الحالتين، أثبت السيسي أنه أشد عنفا وقسوة من مبارك، وذلك حينما أصدر أوامره بإطلاق الرصاص على مئات المدنيين غير المسلحين. وحقيقة أن الإخوان المسلمين "ثأروا" بإحراقهم عشرات الكنائس، والاغتيال العشوائي للمسيحيين، وإطلاق الرصاص على رجال الشرطة لا يبرر ما سبق له هو القيام به. فلقد كان ـ ولو لأيام قليلة ـ مثل بشار الأسد لا يفضله في شيء. وإعطاؤه المال والسلاح لن يزيدنا أصدقاء بل أعداء، خاصة حينما يثبت نظامه أنه ليس أقدر على الحيلولة دون انهيار مصر من النظام السابق عليه.

ولقد قالها "ماكس بوت" من مجلس العلاقات الخارجية في "لوس آنجلس تايمز": "ليس من المصادفة أن يكون أسامة بن لادن ونائبه أيمن الظواهري ينتميان إلى بلدين حليفين  للولايات المتحدة في كل منهما نظام يقهر مواطنيه. فلقد توصل كلا الرجلين إلى أن السبيل إلى تحرير بلديهما هو الهجوم على من يناصر هذين النظامين. ومن المنطقي أن نتوقع ميلاد جيل جديد من الإسلاميين في مصر، جيل يتعلم الآن أن الطريق السلمي إلى السلطة لم يعد مفتوحا، فيتحول إلى العنف، وما دامت واشنطن تعد واقفة في جانب الجنرالات، فإن نصيبها من عنفهم في الطريق".

وحتى إن واجه الجيش المصري تمردا مسلحا إسلاميا شاملا كالذي مزق الجزائر في تسعينيات القرن الماضي ـ وهو أمر غير مرجح وإن يكن واردا ـ فسيبقى بوسع القاهرة أن تحصل على كل عون هي بحاجة إليه من الخليج، لا لأن السعوديين يعارضون الإسلام الراديكالي، بل لأنهم يرون أن الإخوان المسلمين هم التهديد الأكبر على حكمهم.

فكرة الخروج من مصر ونفض أيدينا من غبارها سديدة.

***

أما ليبيا فحالة أخرى تماما.

بعدما تعلمت الولايات المتحدة أن احتلال الأراضي العربية ضار جدا بصحة الجميع، ساعدت في تحرير ليبيا من معمر القذافي دون أن تخسر نفسا واحدة. نفذنا المهمة كاملة من السماء. فقد كانت الأرض تغص بالثوار من أهل البلد، ولم يكن ثمة داع لوجود قوات أمريكية على الأرض. ولم يكن للقذافي أصدقاء يهبون لنجدته، ولم تكن أمامه فرصة بما لديه من عتاد واهن عفا عليه الزمن.

رئيس الوزراء الليبي علي زيدان

ثم حدث أن خسرنا السفير "كرستوفر ستيفنس" وثلاثة آخرين في التوابع الليبية الممتدة، وذلك عندما قامت جماعة إرهابية مرتبطة بالقاعدة بالهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي. وحدث في اليوم نفسه ـ ولم تكن مصادفة أن كان الحادي عشر من سبتمبر ـ أن خرجت حشود السلفيين ملوحة بأعلام القاعدة مضرمة النيران في شتى أرجاء المنطقة، بذريعة هي عبارة عن فيديو مضحك معاد لـ [النبي] محمد رفعه على يوتيوب "مخرج" مصري سفيه لم يسمع به أحد من قبل.

لأسباب لم تزل خالية من أدنى منطق، زعم المسئولون الأمريكيون ـ زورا وبهتانا ـ أن حادثة بنغازي نتيجة لمجرد مظاهرة خرجت عن السيطرة. في حين أن بنغازي لم تشهد مظاهرة أو احتجاجا بخصوص ذلك الفيديو، خلافا للبيانات المبدئية الخرقاء الكاذبة التي صدرت عن واشنطن.

وخلافا لمصر وحتى تونس، لم يتظاهر أحد ضد "سماح" الولايات المتحدة للفيديو التجديفي بالظهور على يوتيوب. فالمظاهرات الوحيدة التي شهدتها ليبيا في ذلك الأسبوع كانت ضد الإسلاميين الراديكاليين، أي ضد الإرهابيين الذين اغتالوا السفير ستيفنس. وكان طوفان المواطنين ضد الميلشيات الإسلامية في بنغازي عاتيا إلى حد أن اضطر أعضاء تلك الميليشيات إلى الفرار للصحراء.

قد تكون ليبيا بلدا تقليديا محافظا، لكن هذا لا يعني أنها بلد إسلاموي. وفي حين صوّت اثنان من كل ثلاثة مصريين لصالح الأحزاب الإسلامية في الانتخابات البرلمانية في مرحلة ما بعد مبارك، فاز تحالف القوى الوطنية ـ وهو حزب وسطي معتدل ـ بأغلب مقاعد البرلمان الليبي في 2012. في حين لم يفز حزب العدالة والبناء ـ وهو المطية السياسية للإخوان المسلمين في ليبيا ـ إلا بعشرة في المائة من المقاعد. هذا لا يعني أن حضور الإخوان المسلمين في ليبيا هامشي بقدر هامشية حزب الخضر مثلا في الولايات المتحدة، لكنه قريب من هذا.

وليس الليبيون فقط ضد الإسلامويين إلى حد بعيد. ولكنهم أيضا أكثر مودة تجاه الغرب بعامة والولايات المتحدة بخاصة من أي شعب آخر في المنطقة.

ولو فكرتم في الأمر لوجدتموه منطقيا. فالولايات المتحدة لا يمكن وفقا لأي منطق أن تعد مسئولة عن جرائم القذافي وقمعه. لقد أعلن نفسه عدوا لأمريكا يوم توليه السلطة، وكان ليبقى مستمرا في تعذيب شعبه كأنه عالم سادي مجنون لو لم يوفر الأمريكيون الدعم الجوي للثوار. وهو لم يتلق مالا، أو سلاحا، أو تدريبا، أو غطاء دبلوماسيا، أو أي شيء من الولايات المتحدة.

وكل شيء سيء سمعه الليبيون عن أمريكا إنما كان من خلال أجهزة البروباجندا المؤتمرة بأوامر رجل ظل يركلهم في وجوههم في كل يوم على مدار اثنين وأربعين عاما. فهم على أقل تقدير يتشابهون في رؤاهم الجيوسياسية مع شعوب شرق أوربا التي دأبت في ظل الشيوعيين أن تفكر بهذه الطريقة: "لو أن الأمريكيين أعداء الطاغين علينا فإلى أي مدى يمكن أن يكونوا سيئين؟". هم إذن أكثر من يمكن أن نتوقع مناصرتهم للأمريكيين من المسلمين العرب.

لقد كان في ليبيا من الحكم في ظل القذافي ما هو أكثر بكثير من اللازم، لكن ما فيها من الحكم اليوم أقل بكثير مما يكفي. كان النظام السابق هو الأكثر قمعا على وجه الأرض، فلما سقط، سقط معه أغلب المؤسسات بما فيها الجيش. ومن ثم فالدولة وقوات الأمن في غاية الضعف. وهي الآن تعيد بناء نفسها من الصفر، وسوف يستمر هذا الأمر لسنوات.

وما من سبب على وجه الأرض يمنع الولايات المتحدة من الاشتراك مع رئيس الوزراء علي زيدان وزملائه. على العكس، إذا لم تكن الحكومة قادرة أن تحتكر استخدام القوة في المناطق الخارجة على القانون، فيمكن أن تتحول ليبيا إلى مفرخة للإرهاب، شأن الصومال أو اليمن أو مالي، برغم حقيقة أن أغلب الليبيين لا يريدون أن تكون لهم أي علاقة بالإرهاب من أي نوع.

***

أما سوريا فهي آخر بلد يمكن أن نتجاهله في الوقت الراهن، برغم أن أعدادا كبيرة في كلا الجانبين ـ لأسباب منطقية إلى أبعد حد ـ عازفون عن القيام بأي شيء إلا الارتعاش، وعن بعد.

لكن ما يجري هناك يعنينا، لأن له تأثيرا علينا. سوريا ليست دولة بليز Belize. ويهمنا من يديرها، يهمنا كثيرا.

تمثل دولة بشار الأسد أكبر راع في العالم العربي للإرهاب الدولي، وهي متحالفة مع جمهورية إيران الإسلامية التي تعد أكبر دولة راعية للإرهاب الدولي في العالم كله. واضح إذن أن من مصلحتنا أن نرى الأسد مهزوما.

غير أن من أعدائه الأساسيين في الجبهة الداخلية جماعة مرتبطة بالقاعدة هي جبهة النصرة، وبديهي أنه ليس من مصلحتنا أن نرى هؤلاء البنلادنيين وقد حلوا محل الأسد.

الجيش السوري الحر غاضب أشد الغضب من المساعدة الهزيلة التي قدمتها الولايات المتحدة، ولكن من أسباب هذا أنه يقاتل الأسد إلى جانب جبهة النصرة، ومن أسبابه أيضا أن كثيرا من قادته إسلامويون حتى وإن كانوا معتدلين بالمقارنة مع القاعدة. التحالف التكتيكي بين الجماعتين يتصدع ولن يدوم بعد الأسد ولو لأسبوع واحد، ولكنه كاف ليبرر عزوف واشنطن وتشككها.

لطالما كان الأمريكيون على أتم الاستعداد لبذل المال والأنفس من أجل حلفائهم وأصدقائهم، لكن الحلفاء والأصدقاء الذين لديهم ما يكفي من القوة داخل سوريا ما يكفي للتأثير على النتائج هم حلفاء يتسمون بالضعف على الأرض. ولقد كان بوسع الإدارة في وقت مبكر من اللعبة أن تقدم التسليح والتمويل والتدريب للمعتدلين سياسيا من القوات المقاتلة داخل سوريا، ولكن ذلك سيكون اليوم أصعب في ظل قيام الأتراك وعرب الخليج بدعم جهات لا تشترك معنا في المصالح أو القيم.

هناك من يقول "اتركوهم يقتلوا بعضهم البعض" لأن ذلك ـ حسبما يقول دانيال بايبس ـ "يبقي تركيزهم منصبا على الداخل" و"يمنع أيا منهم من الخروج منتصرا"، وهذا يذكرنا بمقولة هنري كيسنجر الشهيرة عن الحرب العراقية الإيرانية: " شيء مؤسف حقا أنه لا يمكن أن يخسر الطرفان".

الكلمة الفعالة في عبارة كيسنجر هي "لا يمكن". الأطراف المتواجهة لا يخرج أحدها الآخر تماما من اللعبة. والحروب لا تلعبها هكذا، ولا تنتهي هكذا. الحروب تنتهي بانتصار طرف.

أسوأ السيناريوهات على الإطلاق من وجهة النظر الأمريكية أن ينتصر الطرفان. وهذا احتمال فعلي. فسوريا قد تنقسم قطعتين. وهي بطريقة ما قد انقسمت إليهما بالفعل. دولة علوية تدعمها إيران وحزب الله وروسيا، ودولة سنيستان Sunnistan  التي يحكمها الإسلاميون والتي يمكن أن تظهر في أي لحظة كواقع شبه دائم في جغرافيا الشرق الأوسط. ومن ثم فالولايات المتحدة بحاجة ـ على أقل تقدير ـ إلى سياسة تقلل احتمالية وقوع أسوأ النتائج.

قبل أشهر قليلة، سألت عضو البرلمان اللبناني سامي الجميِّل عن رأيه في ارتباك واشنطن إزاء سوريا. قال "قبل أن يمكنك أن تعرف ما الذي يمكنك أن تعمله، لا بد أن تعرف ما الذي تريد". وبطريقة أو بأخرى ينبغي أن نريد أن يخسر كل من الأسد والقاعدة. ولكنهما لن يخسرا بالتزامن. ينبغي أن تتعاقب عليهما الهزيمة. فأحدهما لا بد أن يكسب أولا.

ومن ثم، قاتلوا بشار الأسد واهزموه، أو ادعموا من يفعل هذا بدلا منكم. ثم قاتلوا جبهة النصرة واهزموها، أو ادعموا من يفعل هذا بدلا منكم.

أو واجهوا حقيقة أن أحد الطرفين سوف ينتصر. فإن انتصرت جبهة النصرة، ستكون لدينا أفغانستان في الشرق الأوسط. وإن انتصر الأسد، يمكن أن ينتهي الأمر به مستظلا بمظلة نووية إيرانية.

إن في العالم مناطق شبيهة بلاس فيجاس. فما يحدث فيها يبقى فيها. وأقوى الأمثلة على ذلك أفريقيا ما دون الصحراء. فلعل قليلين للغاية من خارج تلك المنطقة هم الذين لاحظوا وقوع حروب عديدة في الكونغو أسفرت عن مقتل ملايين البشر في أواخر تسعينيات القرن الماضي، وليس كل من لاحظ اهتم.

ولكن الشرق الأوسط ليس كذلك. وإلى أن يمكن للسيارات والشاحنات أن تسير بالطاقة الشمسية والريح والطاقة النووية، يبقى العالم كله معتمدا على تدفق النفط من منطقة الخليج، وهذا يتطلب ضمانات أمن أمريكية، أي يتطلب وجودنا. وإلى أن تخسر التنظيمات الإسلاموية كل جاذبيتها المحلية، فليس لنا خيار يذكر إلا التدخل بصفة دورية بغض النظر عن الاقتصاديات أو الموارد. وفي الوقت الراهن، ومهما تكن جسامة الوضع، فالأمريكيون والعرب ملتصقون ببعضهم بعضا ولا فكاك. بوسعنا أن نأخذ استراحة قصيرة، أما التقاعد فبيننا وبينه عقود.

 

كاتب المقال محررفي  World Affairs  ومؤلف أربعة كتب من بينها "حيثما ينتهي الغرب" و"الطريقة إلى بوابة فاطمة"

 

نشرت الترجمة صباح اليوم 28/12/2013 فيما نشر الأصل في  وورلد أفيرز

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق