الثلاثاء، 19 نوفمبر 2013

روتين وإبداع

بنيامين فرانكلين كان يقضي الصباح عاريا. باترشيا هايسميث لم تكن تأكل غير لحم الخنزير والبيض. بروست كان يفطر بالأفيون والكرواسان. طريق العظمة ممهد بآلاف الطقوس الصغيرة.

روتين وإبداع

أوليفر بيركمان
ذات صباح من الصيف الماضي، استيقظت مع أول ضوء، وكنت قبل أن أنام قد رفعت الستائر، ثم شربت قهوة ثقيلة، وجلست شبه عار بالقرب من الشباك المفتوح لنحو ساعة، ثم قضيت الصباح كله أعمل، وتناولت مارتيني على الغداء. تمشيت طويلا في عصر ذلك اليوم، وطوال بقية الأسبوع  لم أعمل مرة لأكثر من ثلاث ساعات متصلة.
كانت الغاية من كل ذلك أن أتبنى طقوس بعض الفنانين والمفكرين العظماء: فالاستيقاظ فجرا مأخوذ من إرنست همنجواي الذي كان ينهض في نحو الخامسة والنصف صباحا حتى لو كان قضى ليلته السابقة في الشرب، والقهوة الثقيلة مستعارة من بيتهوفن الذي كان يعد بنفسه حبات البن الستين اللازمة لفنجانه الصباحي. بنيامين فرانكلين كان يحلف بـ "حمامات الهواء" وذلك هو التعبير الذي كان يستخدمه وصفا للجلوس عاريا قرب شباك مفتوح في الصباح مهما كان الجو. وشرب الظهيرة كان أثيرا لدى "في إس بريتشيت" (من بين كثيرين). لم أستطع أن أجرب كل حيلة اكتشفتها في كتاب "الطقوس اليومية: كيف توفر العقول العظيمة الوقت، وتجد الإلهام، وتشرع في العمل"، فمن الغريب أن صديقتي رفضت القيام بدور زوجة فرويد التي كانت تضع معجون الأسنان على فرشاته كل صباح لتوفر له الوقت. ولكنني تعلمت الكثير. فمثلا: هل كنتم تعلمون أن شرب المارتيني على الغداء لا يزيد الإنتاجية؟
بوصفي كاتبا يعمل من البيت، فإن لي سيطرة كبيرة غير معتادة على جدولي، وهذه تجربة ليس بوسع الكثيرين أن يقوموا بإجرائها. ولكن بالنسبة لكل من يعتبر عمله إبداعيا، أو يتصدى في وقت فراغه لمشاريع إبداعية، فإن القراءة عن عادات الناجحين قد تتحول إلى إدمان. وذلك يرجع جزئيا إلى أنه من المريح أن نعرف أنه حتى فرانز كافكا كان يناضل لتحقيق متطلبات وظيفته النهارية، أو أن فرانكلين كان يعاني من فوضى مزمنة. ولكن السبب يرجع أيضا إلى فكرة سرية يبدو إعلانها منطويا على قدر كبير من الوقاحة: ربما، يمكن، إذا أخذت حمامات ساخنة مثل فلوبير أو تناولت الفيتامينات بانتظام مثل أودن، أن أقترب قليلا من العبقرية التي توصلا إليها.
مضت أسابيع عديدة، ولم أعد آخذ حمامات الهواء، وتناول المارتيني على الغداء لم يستمر لأكثر من يوم واحد. لكنني لا أزال أنهض مبكرا عندما يسمح الوقت وأمشي طويلا. وظهرت الأفكار الكبرى، ومن بينها كيف أن الوظيفة ذات المواعيد الثابتة من التاسعة إلى الخامسة غير مناسبة لأغلب أصحاب الأعمال المكتبية المستوجبة للتركيز العقلي، إذ يتبين أني أحقق أكثر بكثير حينما أبدأ في وقت أبكر، وأنتهي في وقت متأخر قليلا، مع قضائي وقتا طويلا في المنتصف بدون حتى التظاهر بأداء أي عمل عقلي. والفكرة الكبرى الثانية هي أهمية الزخم، فحينما أبدأ في شيء مهم بالفعل في الصباح المبكر قبل التحقق من البريد الإلكتروني، وقبل مقاطعات الآخرين، فإن ذلك يغير من إحساسي باليوم كله تغييرا مفيدا، فحينما تظهر المقاطعات بعد ذلك لا تبدو إشكالية حقا. وهناك تكنيك ما كان لي أن أنجح بدونه وهو مأخوذ من الكاتب والاستشاري "توني شوارتز": استخدام الساعة للعمل في فترات تمتد الواحدة منها تسعين دقيقة مع فواصل كبيرة. وبفضل هذا التكنيك بت أفضل كثيرا في التفرقة ما بين العمل واللغو بدلا من أن أضيع اليوم في مزيج من الاثنين.
درس الكتاب الحقيقي، فيما يقول مؤلفه ميسون كاري هو أنه "ليست هناك طريقة واحدة لإنجاز الأعمال". ففي مقابل كل جويس كارول أويتس تنعزل بلا رحمة من الثامنة صباحا حتى الواحدة ظهرا ثم من الرابعة عصرا حتى السابعة مساء، أو "أنطوني ترولوب" الذي يضبط نفسه على كتابة مائتين وخمسين  كلمة كل خمس عشرة دقيقة، هناك سلفيا بلاث التي لا يمكنها الالتزام بجدول، أو فردريتش شيلر الذي لا يمكنه الكتابة ما لم يكن يشم رائحة تفاح عفن.  وبرغم ذلك ثمة أنماط موجودة. وإليكم من هنا وهناك ستة دروس يمكن أن نتعلمها من بعض من أعظم العقول المبدعة.
***
كن شخصا صباحيا
لا أقول إنه لا وجود للبومات الناجحة، فهناك "مارسل بروست" مثلا الذي كان ينهض من نومه فيما بين الثالثة والسادسة مساء، وعلى الفور يدخن مسحوق الأفيون لتهدئة الربو، ثم يرن الجرس لتأتيه القهوة والكرواسان. ولكن من يبكرون بالاستيقاظ يشكلون الأغلبية الواضحة: من موتسارت، إلى "جرجيا أوكيف" إلى "فرانك لويد رايت". (ويخبرنا كاري أن عالم اللاهوت الذي عاش في القرن الثامن عشر "جوناثان إدواردس" ذهب إلى أن يسوع كان من أنصار النهوض المبكر بـ"قيامه مبكرا للغاية من المقبرة". النهوض في تمام الخامسة أو السادسة صباحا هو ـ بالنسبة للبعض ـ ضرورة، فهو الطريقة الوحيدة للجمع بين مهامهم في الكتابة أو الرسم وبين مطالب الوظيفة أو تربية الأطفال، أو كليهما. وهو ـ أي النهوض المبكر ـ بالنسبة لآخرين وسيلة لاجتناب المقاطعات؛ ففي هذا الوقت ـ كما كتب همنجواي ـ "لا يكون ثمة من يزعجك ويكون الجو إما لطيفا أو باردا فيمكنك أن تدفئ نفسك بالعمل". وثمة حجة أخرى مدهشة من حجج مناصرة النهوض المبكر، وهي حجة من شأنها أن تقنع المتشككين: الدوار الصباحي المبكر قد يكون في واقع الأمر مفيدا. ففي مرحلة من مراحل حياته المهنية كان الروائي "نيكولاس بيكر" يصحو في تمام الرابعة والنصف صباحا وكان يحب أثر ذلك على مخه: "يكون العقل نظيفا، ولكنه أيضا يكون مشوشا ... وقد تبين لي أني أكتب في هذا الوقت كتابة مختلفة".
يقسم علماء النفس الناس إلى فئتين ساحرتين هما "المسائيون" و"الصباحيون"، وإن لم يكن واضحا بالضبط أي الفئتين تعلو على الأخرى. ولو أن هناك دلائل على أن الصباحيين أسعد وأوعى، ولكن البومات الليلية أيضا أكثر ذكاء. ولو أنك تعتزم الانضمام إلى فئة المبكرين إلى الاستيقاظ، فالحيلة الأساسية هي أن تصحو كل يوم في نفس الوقت، على أن لا تذهب إلى النوم إلا عند إحساسك فعلا بالتعب. قد تضحي بيوم أو اثنين من الإرهاق، ولكنك سوف تتكيف مع جدولك الجديد بأسرع مما تتخيل.
***
لا تتخل عن وظيفتك النهارية
"الوقت قصير، وقوتي محدودة، والشركة رعب، والشقة جلبة". بتلك الكلمات اشتكى "فرانز كافكا" لخطيبته وأضاف قائلا "فإذا لم يكن من الممكن الحصول على حياة أكثر استقامة وسعادة فعلى المرء من ثم أن يحاول القيام بالتفافات ومناورات رهيفة". كان يكدّس كتابته فيما بين العاشرة والنصف مساء وساعات الصباح الأولى. لكن الحقيقة أن "الحياة الأكثر استقامة وسعادة" قد لا تكون الأفضل من وجهة النظر الفنية: فكافكا الذي كان يعمل في شركة تأمين كان واحدا من كثير من الفنانين الذين أنتجوا أفضل الإنتاج على هامش حياة مزدحمة. وليم فوكنر مثلا كتب "بينما أرقد محتضرا" في المساءات قبل أن يذهب إلى نوبة عمله الليلية في محطة طاقة، وتي إس إليوت كانت له وظيفة نهارية في بنك لويدس هي التي كانت تحقق له أمنه المالي، و"وليم كارلوس وليمس" كان طبيب أطفال وكان يخربش قصائده على خلفية دفاتر وصفاته الطبية. محدودية الوقت تحفز العقل على التركيز، والانضباط الذاتي المطلوب للوظيفة ينسرب راجعا مرة أخرى إلى العملية الفنية. وقد كتب الشاعر والمسئول التأميني "والاس ستيفنس" يقول "إنني أكتشف أن انتظامي في وظيفة هو من أفضل ما كان يمكن أن يحدث لي في الدنيا. فذلك هو الذي يبث الانضباط والانتظام في حياة المرء". والحقيقة أن من التفسيرات الواضحة لإدمان الكحول المنتشر بين الكتاب المتفرغين للكتابة هو أنه يستحيل التركيز على الكتابة إلا لساعات قليلة، فيتحتم العثور على طريقة لتزجية الساعات الكثيرة المتبقية.
***
امش كثيرا
لا تنقصنا الأدلة على أن المشي ـ لا سيما في الأماكن الطبيعية أو مجرد التنزه وسط الخضرة حتى لو لم يكن هناك الكثير من المشي ـ يرتبط بتزايد الإنتاجية والبراعة في العملية الإبداعية. ولكن كاري اندهش وهو يبحث من أجل تأليف كتابه هذا بحضور المشي حضورا مطلقا لا سيما في حياة المؤلفين الموسيقيين ومن بينهم بيتهوفن، وماهلر، وإريك ساتي، وتشايكوفسكي الذي "كان يؤمن أنه لا بد أن يمشي لمدة ساعتين بالضبط في اليوم وأنه إن عاد من مشيه قبل ذلك ولو بدقائق قليلة، فإن تعاسات هائلة سوف تحل على رأسه". لقد لوحظ منذ زمان بعيد أن عمل أي شيء تقريبا ما عدا الجلوس إلى مائدة قد يكون خير طريق للوصول إلى الرؤى الجديدة. ومن المؤكد أن هناك في أيامنا هذه عاملا إضافيا يتحقق: فبينما تمشي، تكون مبتعدا بعدا ماديا  عن كثير من أسباب التشتيت ـ كالتليفزيون وشاشة الكمبيوتر ـ التي من شأنها أن تعوق التفكير العميق.
***
التزم بجدول
ليس ثمة الكثير من المشتركات، فيما يتعلق بالطقوس، بين "جوستاف فلوبير" الذي كان يستيقظ في العاشرة من صباح كل يوم ثم يدق على السقف لكي تحضر أمه وتجلس في سريره تدردش معه، و"لوكوربوسييه" الذي كان يستيقظ في السادسة صباحا لينخرط في تمرينات رياضية لمدة خمس وأربعين دقيقة. ولكن كل واحد منهما كان يفعل ما يفعله بانتظام شديد الصرامة. ولقد كانت نصيحة أودن هي أن "قرر ما عليك أو ما ينبغي لك عمله بيومك، ثم افعله في نفس اللحظة بالضبط من كل يوم، ولن يتسبب لك الهوى في أية مشكلات". (وتقول الأسطورة إن جيران إيمانول كانط كان يمكن أن يضبطوا ساعاتهم على ميعاد خروجه للمشي في تمام الثالثة والنصف عصرا). هذا النوع من  الوجود يبدو كما لو كان يستوجب مستويات مرعبة من الانضباط الذاتي، ولكن نظرة أقرب إليه تبين أنه أشبه بشبكة أمان: فبديل النظام الصارم إما أنه غياب الإبداع الفني لذوي الوظائف النهارية، أو الرعب الوجودي الناشئ عن غياب أي نظام على الإطلاق.
ولقد كان "وليم جيمس" مؤسس علم النفس الحديث هو الذي أوضح الميكانزيم الذي يمكن للروتين الصارم من خلاله أن يساعد على إطلاق العنان الخيال. فتحويل كثير من جوانب الحياة إلى روتين آلي هو وحده الكفيل ـ فيما ذهب جيمس ـ بأن يمكننا من "تحرير عقولنا ودفعها إلى مجالات عمل مثيرة حقا للاهتمام". (ولقد ناضل جيمس طوال حياته لكي يغرس في نفسه مثل هذه العادات). ولقد كشفت النتائج التالية المتعلقة بـ "المدى المعرفي" وحدود قوة الإرادة صدق حدس جيمس، فلو أنك ضيعت مواردك في تحديد مكان العمل أو موعده فقد أعقت قدرتك نفسها على العمل. فلا تفكر كل يوم فيما إذا كنت ستقضي خمسا وأربعين دقيقة في العمل على روايتك قبل أن يبدأ اليوم، فأنت ما تكاد تقرر أن هذا بالضبط هو ما تفعله، حتى يصبح احتمال أن تفعله أكبر  بكثير. قد يكون مرغوبا بالمثل أن تقلل من القرارات غير اللازمة التي أفضت بـ "باترشيا هايسميث" ـ وغيرها ـ إلى أن تأكل نفس الطعام حرفيا في كل وجبة، وكان الطعام في حالتها هو البيض ولحم الخنزير. ولو أن هايسميث كانت تجمع أيضا الحلازين الحية، وقامت في أواخر حياتها بنشر نظريات مؤامرة معادية للسامية، فمن يدري؟
***
اشرب
كل وسائل المواد الكيميائية المساعدة على الإبداع وجدت من يجربها. أودن، و"آين راند" و"جراهام جرين" كانوا يتعاطون بنزندرين، وعالم الرياضيات "باول إردوس" كان يتعاطى ريتالين (وبنزندرين)، وعدد لا نهاية له كان يتعاطى الفودكا والويسكي والجين. ولكن هناك مادة تحظى بأنصار في كل مكان من العالم تقريبا وعلى مدار القرون: القهوة. بيتهوفن كان يعد حبات البن، كيركيجارد كان يصب القهوة السوداء على ملئ فنجان من السكر ثم يتجرع الناتج الذي كان يأتي في قوام الوحل، بلزاك كان يشرب خمسين فنجانا في اليوم. قد يقال إن فوائد الكافيين ـ من حيث التركيز ـ قدتأتي مصحوبة بتناقص في كفاءة إنجاز الأعمال الإبداعية. ولكنه درس لم يلق من المبدعين إلا الإعراض. استهلك باعتدال، واعلم أن بلزاك مات بأزمة قلبية وهو في الحادية والخمسين.
***
تعلم العمل في أي مكان
من أخطر المعتقدات المعيقة والمعطلة فكرة أنك لا بد أن تعثر على البيئة الملائمة قبل أن تجلس لتعمل. يقول المؤلف الموسيقي الأمريكي "مورتن فيلدمان": "على مدار سنين ظللت أقول لنفسي إنني لو عثرت على المقعد المريح لأمكنني أن أتفوق على موتسارت". سومرست موم كان لا بد أن يواجه حائطا خاويا قبل أن تأتي الكلمات (وكان يشعر أن أي منظر آخر يمكن أن يشتته). ولكن الرسالة الصارمة التي تصلنا من تجارب كثير من الفنانين والكتاب هي هذه: اقهر نفسك.
في السنوات الأكثر إنتاجية في حياة "جين أوستن" كانت تكتب في غرفة المعيشة في بيت الأسرة بينما أمها تخيط بجانبها في أغلب الأوقات. وبرغم مقاطعات الزوار الدائمة، كانت تكتب على قصاصات ورق يسهل إخفاؤها. ويكتب كاري أن أجاثا كريستي كانت "تواجه مشكلات لانهاية لها من الصحفيين الذين كانوا يريدون تصويرها وهي تعمل على مكتبها" وهو طلب مشكل للغاية إذ لم يكن لديها مكتب. فأي سطح يحتمل آلتها الكاتبة كان يؤدي الغرض.
على أية حال، التحرر المطلق من المشتتات قد لا يكون ميزة مثلما يبدو. فقد أثبتت دراسة حديثة أن بعض الجلبة ـ من قبيل الخلفية الصوتية في مقهى ـ قد تكون خيرا من الصمت من حيث التحفيز على الإبداع، كما أن الفوضى المادية قد تكون مفيدة للبعض بمثل فائدة بيئة العمل التي لا تشوب نظامها شائبة بالنسبة لآخرين. والصحفي "رون روزنباوم" يعتز بنظرية شخصية تقوم على "التركيز التنافسي": فالعمل والتليفزيون مفتوح  ـ فيما يقول ـ يوفر له خلفية تشتيتية تعينه على التركيز والاحتفاظ بعضلات انتباهه مرنة وقوية.
ولكن ثمة درسا أكبر هنا. بيئة العمل المثالية ليست هي التي تفضي إلى العمل الممتاز، كما أن الروتين الطقوسي المثالي لن يفضي بك إلى العبقرية. فـ فلوبير لم يحقق ما حققه بسبب الحمامامت الساخنة، بل بسبب موهبة هائلة وعمل جاد بما يفوق التصور. وهذا مؤسف بحق، لأن ما أنا بارع فيه بحق هو حمامات الجري.
***
جرترود شتاين
في "سيرة أي أحد" أكدت جرترود شتاين أنها لم تستطع يوما أن تكتب لأكثر من نصف ساعة في اليوم، لكنها أضافت "لو أنك كتبت نصف ساعة في اليوم، فإن هذا ينتج كثيرا من الكتابة في عام". كانت شتاين وشريكة العمر "أليس بي توكلاس" يتناولان الغداء في منتصف النهار ثم يتناولان عشاء مبكرا وخفيفا. توكلاس كانت تأوي مبكرة إلى الفراش بينما يحلو لشتاين أن تسهر للنميمة والدردشة مع الزوار والأصدقاء. وبعدما يذهب أصحابها أخيرا، توقظ توكلاس ليتكلما عن يومهما ثم يذهبان للنوم معا.
***
لودفيج فان بيتهوفن
كان بيتهوفن يستيقظ فجرا ويضيع قليلا من الوقت قبل أن يجلس للعمل. يفطر بالقهوة التي كان يعدها بنفسها بعناية كبيرة: ستون حبة بن لكل فنجان. بعد وجبة الظهيرة يخرج في تمشية طويلة تستغرق ما بقي من العصر. ومع انتهاء اليوم قد يعرج على حانة ليقرأ الجرائد. وكان يقضي الأمسيات غالبا مع الأصدقاء أو في المسرح، وإن كان في الشتاء يفضل البقاء في البيت للقراءة. تقاعد مبكرا، وكان يأوي إلى فراشه في العاشرة مساء على أقصى تقدير.
***
أودن
كتب أودن في عام 1957 يقول "إن الروتين للرجل الذكي علامة طموح". وهذا صحيح، فالشاعر كان من أكثر أبناء جيله طموحا. كان يستيقظ بعد السادسة صباحا بقليل، يعد القهوة ويجلس للعمل بسرعة، ربما بعد أن يلقي نظرة على الكلمات المتقاطعة. وكان في العادة يستأنف عمله بعد الغداء ويستمر إلى العصر. وكانت ساعة الكوكتيل تبدأ في السادسة مساء بالضبط وتحتوي العديد من كئوس الفودكا القوية والمارتيني. ثم يقدم له العشاء، محتويا كميات وافرة من النبيذ. وللحفاظ على طاقته وتركيزه، كان يعتمد على الفيتامينات، ويتناول بنزدرين كل صباح. وفي المساء يتناول سيكونال أو غيره من المسكنات لكي ينام.
***
سلفيا بلاث
تسجل يوميات سلفيا بلاث ـ التي ظلت تكتبها منذ الحادية عشرة وحتى انتحارها في الثلاثين ـ نضالا شبه متصل للالتزام بجدول كتابي منتج. قرب نهاية حياتها فقط، انفصلت عن زوجها الشاعر تيد هيوز وباتت وحدها التي تعتني بأطفالها، وعثرت على روتين مناسب لها. كانت تستعين بالمسكنات لكي تنام، وحين ينتهي مفعولها في الخامسة صباحا تستيقظ وتكتب إلى أن يستيقظ الأطفال. وبعملها بهذه الطريقة قرابة شهرين من عام 1962 أنتجت جميع قصائد كتابها "آريل".
***
أليس مونرو
في خمسينيات القرن العشرين، وبينما كانت أما شابة تعتني بطفلين صغيرين، كانت مونرو تكتب في فضلات الوقت فيما بين الاعتناء بالبيت والاعتناء بالطفلين. وحينما كان الجيران يمرون عليها، لم تكن ترتاح إلى إخبارهم أنها بحاجة إلى العمل. جربت أن تستأجر مكتبا ولكن مالك العمارة الثرثار كان يقاطعها كثيرا فلم تكتب أي شيء تقريبا. وهكذا احتاجت قرابة عقدين كي تكتب قصص مجموعتها الأولى "رقصة الظلال السعيدة".



نشر الموضوع أصلا في الجارديان ونشرت الترجمة اليوم في شرفات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق