الجمعة، 13 ديسمبر 2019

الحجر لويز إردريتش



الحجر
لويز إردريتش

كانت أسرتها تسافر كل صيف لقضاء إجازة في طرف جزيرة ببحيرة سوبريور الباردة، وهنالك عثرت على الحجر. ليس على الشط حيث توجد الحجارة في العادة، ولكن في الغابة. كانت تتجول في أجمة وراء الكوخ، تفرد السرخسيات المتلوية، وتنكش ورق الشجر، وتقصم رؤوس عيش الغراب. وجلست بجوار جذع صفصافة، فلم تمض لحظات قليلة إلا وقد اقشعر جلد رقبتها. انتابها ذلك الإحساس الفريد بوجود من يحملق فيها. تلفتت حولها فرأت الحجر. كان أسود، مدورا، معششا في منفرج جذع الصفصافة. كان الماء قد نحت في الحجر حفرتين متماثلتين، فجعل له شكل بومة، أو أضفى عليه نظرة عينين عمياوين، أو منحه على أي حال سمة آسرة غريبة. جفلت في أول الأمر، وانتابها شيء من القلق، لكنها عادت فمرَّرت يدها على الحجر فشعرت به حجرا طبيعيا. كان في نصف حجم جمجمة بشرية، ناعما غاية النعومة. نادت على الفتاة أمها، فقامت، ممسكة الحجر، واصطحبته معها إلى الكوخ. في البداية وضعته بجانب حشيَّتها في غرفة النوم التي كانت تنام فيها مع أخوتها، ثم لمّا ظنت أن أخوتها أو أختها قد يأخذون الحجر، دسَّته في قعر حقيبة النوم الخاصة بها، وفي تلك الليلة، أراحت قدميها على استدارة الحجر الباردة، مداعبة بأصابع قدميها محجريه الناعمين.
بعد شهر تهيأت الأسرة للرجوع إلى المدينة، ووضعت الفتاة الحجر في حقيبة ظهرها التي أبقتها بين قدميها طوال طريق العودة الطويل. لم تسمح لأحد أن يتولى أمر حقيبتها تلك، ولما وصلت إلى البيت توجهت على الفور إلى غرفتها، فأخرجت الحجر، ووضعتها على المنضدة المجاورة لسريرها، بجوار ساعة رقمية وكومة كتب. كانت قد بلغت في ذلك الوقت من العمر ما يكفي لأن تقول لأمها وأبيها تصبحان على خير وتتوجه بمفردها إلى غرفتها. ما عادا يجلسان بجوار سريرها ليقرآ لها كما كان الحال من قبل. وهي أيضا التي تنزل غسيلها إلى الطابق السفلي. ولم تكن أمها من الأمهات اللاتي يكثرن التردد على غرف أبنائهن، أو ينظفنها عنهم، فلم تنتبه أمها إلى الحجر إلا بعدما بدأت الدراسة.
أشارت إليه على العشاء. "تلك الصخرة المجاورة لسريرك يبدو أنها من الجزيرة. هل عثرت عليها هناك؟"
أطرقت الفتاة، ولكن تعليق أمها ترك في نفسها إحساسا بالانزعاج، فوضعت الحجر في تلك الليلة في قاع أقل أدراجها استعمالا. وفيما كانت تنام، استحضرت صورته معششا وسط ثيابها الصيفية من تيشيرتات وسراويل قصيرة لن تقلقل من مكانها طوال الشتاء. شعرت بالسعادة لمجرد معرفتها بوجوده هناك، وطوال شهور، بدا ذلك الدرج أمثل مكان له. ولعلها كانت لتبقي عليه في ذلك الدرج إلى الأبد، لولا أن وقع أمر في المدرسة.
*
كان في المدرسة ولد اسمه فيك لا يكف عن القيام بما يلفت إليه الأنظار. وذات يوم شعرت الفتاة في حصة الرسم بشدة خفيفة في طرف ذيل حصانها فالتفتت لترى أن فيك قد استعمل مقصه في شعرها الداكن فقطع قطعة منه. أدلى الخصلة بين أصابعه مبتسما في وجهها ابتسامة عريضة. لكنها لم تقل شيئا. تجمدت، محملقة في شعرها. في حركة سريعة أخفى شعرها، لكنها تمالكت نفسها، وعثرت على صوتها، وطلبت منه أن يتركه. التقطت الخصلة ما إن تركت أصابعه وكورتها في يدها. وعند ذلك لاحظت المعلمة أن أمرا ما يجري فسألت الفتاة عما في يدها. ولما رأت المعلمة شعرها، قالت إن قص الشعر سلوك تجاوزه أغلب الأطفال، وإنها مضطرة أن تكتب ملاحظة بذلك إلى والديها.
حارت أمها. "ما الذي جعلك تفعلين هذا؟"
وألقى عليها أبوها محاضرة في جمال الشعر.
في تلك الليلة، وضعت كرية الشعر المقصوص في إحدى العينين الخاويتين من وجه الحجر. وما كادت تفعل ذلك حتى غمرها إحساس بالسلام والسكينة. فقد الأمر كله أي أهمية له، برغم أنه كان من قبل يمثل لها ضيقا رهيبا. أطلقت زفرة عميقة وضحكت وهي تغلق الدرج. لم يكن في الأمر أي شيء على الإطلاق.
بعد ذلك صارت الفتاة كلما وقع لها أمر يسوؤها، تقصد الحجر. فتجلس على السرير والحجر في حجرها، وتظل تتحسسه إلى أن يفتر انفعالها. وفيما هي تكبر، كانت في أحلك أوقاتها تهدِّئ نفسها بأن تصطحب الحجر إلى الحمام فتجلسه على حافة الحوض بينما تغطس هي في مائه. وذات ليلة، فيما هي مستلقية في الماء الساخن، إذا بها تشعر بالحجر وتعي به وعيا حادا. بدا أن في المحجرين الأملسين الخاويين بوجهه اهتماما عميقا بها. ترقرقت على جسمها مويجات رعدة رقيقة. ولم تمض وهلة إلا وقد تناولت الحجر فأنزلته معها إلى الماء واضعة إياه على صدرها، ثم مررته على جسمها إلى أن استقر ثقيلا بين ساقيها. ثِقَل الحجر وضغطه وسخونة الماء. وضعت يدها على الحجر وضغطته. ثم رفعت الحجر إلى حافة الحوض وأغمضت.
*
التحق الولد بفريق كرة السلة، وصار أساسيا فيه، وباتت أكثر البنات شعبية يتبعنه إلى البيت. غير أنه ذات ليلة اتصل بالفتاة ودعاها للخروج معه. وقبلت. ذهبا إلى السينما، وفي عتمتها، أمسك بيدها. تعرقت راحته فأزعجها البلل، لكنها لم تسحب يدها، برغم أنها أرادت ذلك. وبعد ذلك أوصلها إلى البيت بسيارة أسرته، وكان على مقعدها الخلفي كرسي أطفال وتفوح فيها روائح زبدة الفول السوداني وغيرها من الأطعمة التي تؤكل أثناء القيادة. أوقف السيارة أمام بيتها وانحنى عليها. كان نفسه ساخنا، ويلهث لهاث كلب في ما بدا لها، لكنها احتملت قبلته. تناول خصلة من شعرها بين أصابعه وهمس في أذنها بكلمات. قال إنها مختلفة عن بقية البنات، أوفَى منهن، لأنها لم تش به قط في أمر قصه شعرها بالمقص في حصة الرسم. هي أيضا لم تنس قط تلك الواقعة. شدت شعرها، برقة، من بين أصابعه.
تركت السيارة، ومشت إلى البيت، فنادت على أبويها تقول إنها رجعت. كانت الكبرى بين أربعة أبناء، وبقية أخوتها كانوا نائمين. أبواها كانا ينامان في الطابق السفلي. البيت هادئ. سمعت حفيف شيء في الدرج الذي وضعت الحجر فيه. فسارعت تفتحه، لكنها لم تر فيه غير الحجر، هادئ المحجرين. بات كل شيء مفهوما. نامت في تلك الليلة والحجر بجوارها، وكذلك فعلت في كل ليلة بعدها.
قبل أن تلتحق بالكلية، كانت تخبئ الحجر فور أن تنهض من النوم لكي لا يراه أحد من أسرتها. ثم لم يعد لذلك داع في الكلية. فقد كانت لها غرفة فردية. وكل من كان يلاحظ الحجر على وسادتها كان يعتبره رفيق نوم مثيرا، إن لم يكن فنيا. فهو أفضل كثيرا على سبيل المثال من الحيوانات القطنية الطفولية التي تتعلق بها أغلب البنات، أو الكرات القطنية العملاقة أو براميل البيرة التي تباع في متجر الكتب بالكلية.
ولكن فتاة رأت الحجر فاعتبرت أن في النوم معه الكثير من التكلف. تنامين مع حجر ـ يا للاصطناع! ربما لم يخل الأمر من حسد تجاه فناة مكتفية بنفسها (ولطيفة وذكية ومنظمة واجتماعية وموسيقية) بحيث لا تحتاج رفيقا لنومها أكثر من حجر أملس أسود.
بازلت، كذلك كانت الفتاة تصحح لمن يذكر حجرها، فرأت الفتاة الأخرى ـ واسمها ماريا ـ ذلك مهينا لدرجة أنها أخذته معها ذات ليلة. سرقته ببساطة. وضعت الحجر على أعلى رف لديها، فوق سريرها، وانتظرت لترى ما قد يحدث. وفي تلك الليلة، وقع الحجر من على الرف ضاربا العظام المحيطة بعينها، محدثا شرخا دائريا وربما ارتجاجا في المخ، إذ نسيت الفتاة من هي وعجزت لساعات عديدة عن النطق. وفي أثناء اللغط الناجم عن الحادث، تناولت الفتاة حجرها، ودسته تحت قميصها، ورجعت به إلى غرفتها. وعادت إلى ما درجت عليه من إخفائه. أبقت الحجر مخبأ لوقت طويل أكملت فيه دراستها بالغة بمهاراتها الموسيقية حد الكمال.
*
بلغت براعتها في البيانو أن صارت تحيي حفلات وتعمل في أوركسترا بمدينة كبيرة. وصارت تحمل الحجر إلى كل بروفة في حقيبة جلدية واضعة إياه بجوار البيانو. وتصطحبه كذلك إلى كل حفل. باتت معروفة بهذه (التقليعة)، أن تجتاح المسرح بعباءة أنيقة من قطيفة سوداء منخفضة الياقة ومعها حقيبة جلدية تضعها بجوار البيانو قبل أن تبدأ العزف. ثم حدث ذات مساء بعد سنوات كثيرة أن هذه الحقيبة لم تظهر معها. وكانت امرأة نائية وضعيفة فلم يشأ أحد أن يسألها عما حدث، ولكن من المؤكد أن الأمر أحيط بشيء من الفضول. لم تظهر الحقيبة مجددا، وانتشر تخمين بأن قائد الأوركسترا قد منعها أخيرا. ونسي الناس. فلم تكن للمرأة عادات غريبة أخرى. وعزفها بقي على ما كان عليه من قبل، بل ربما تحسن قليلا.
ما حدث هو أن شجارا نشب بين الحجر وبينها. أو ربما ليس الشجار هو الكلمة الصحيحة. بدأت الحكاية في حوض الحمام ذات ليلة، بعد أن رفعت الحجر كالعادة إلى حافة الحوض وأغمضت. ربما استرخت يدها أكثر مما كان ينبغي. فأوقعت الحجر على ركبتها. طفرت من عينيها الدموع، ولم تكن دموع ألم بقدر ما كانت دموع خيانة، فرفعت الحجر من الماء بحدة وهزته. ثم قامت من الحوض وألقته بعنف على أرض الحمام. البازلت صلب، وكذلك السيراميك. الأمر كله يعتمد على زاوية التصادم. خدشت الأرضية خدشا بسيطا، لكن قطعة بحجم قبضة طفل انفصلت عن الحجر، آتية على تماثله الغريب. وتبدد السحر. بدا الأمر أشبه بنضوب الحب. ومثلما سبق أن فعلت في طفولتها، وضعت المرأة الحجر، وقد بات الآن قطعتين، في درج نادرا ما تستعمله. ثم اتصلت برجل كان يطاردها منذ شهور.
تزوجا. حاولت التظاهر بأنها ليست عذراء، لكن سهل عليه أن يعرف فكان لذلك أثر لا يوصف عليه. بات عزفها للبيانو بعد ذلك مليئا بالوجد، فضلا عما سبق أن كان فيه من دقة ووضوح، فدعيت إلى جولة في أوربا. وفي تلك الجولة اصطحبت زوجها، وتركت الحجر.
*
الحجر، بطريقته الخاصة، شيء حي، ليس بالكائن الحي، لكنه شيء له تاريخ يفوق قدرتنا على الفهم أو حتى التخيل. والبازلت نوع من الصخر البركاني يتكون من الأوجيت وفي بعض الأحيان من البلاجيوكليز وأكسيد الحديد الأسود، وليس في ذلك كله ما يضيف أي شيء. قطعة البازلت البالية التي نامت المرأة معها لأكثر من عقد من الزمن كانت قد وقعت من صدع أرضي قبل 1.1 بليون سنة وليس في ذلك أيضا ما يضيف أي شيء. قبل أن تكسره وتزج به في قاع درج، كان الحجر قد انكسر مرارا وتكرارا. صقله الماء والاحتكاك بالرمل. وبسبب شكله الغريب تناولته أيدي العديد من البشر على مدار السنوات العشرة آلاف الماضية. دفن مع بشري إلى أن التهمت شجرة عظامه ولفظت الحجر خارج التراب. احتفظت به امرأة معتبرة إياه روح بيتها ودأبت على ملء عينيه بالعشب. أزيح من ميناء، ورفع برفش، ورمي على كومة. طفا على يد فتاة. الحجر فكرة تختمر في عقل الأرض على مدار زمن لا يدركه الإنسان. وهو في بعض الثقافات شيء حي، وفي غيرها ميت. هذا الحجر بالذات حمل اسم ميميشوميس، أي "جدي"، وحمل أسماء غير ذلك أيضا. لم تسمه المرأة. فكرت أن في تسميته إهانة لجاذبيته الفائقة. ومع ذلك حينما كسرته، أخذته فأهملته في درج مع أحزمة قديمة وجوارب لا تمس وسترات مكدسة وحمالات صدرة متراخية. تركته هناك ومضت إلى رجل اسمه فرديناند طالما كره اسمه فعاش بين الناس باسم تيد.
شعر تيد أنها تنأى عنه، شيئا فشيئا، وبغاية الرقة، فمر وقت طويل للغاية قبل أن يفهم ما يجري، وفيما كان يتكيف مع أوهى تغير، كانت هي تتحول عنه تمام التحول. ولما حان الوقت الذي رأى فيه الأمور بوضوح، كانت قد أدارت له ظهرها تماما. لم يكن ذلك مقصودا. لم تكن تعرف أنها تفعل ذلك. ولم يكن بوسعه أن يمسك بدليل ملموس في حياتهما التي يعيشانها من يوم إلى آخر. لم تقس معه قط. بقيت كدأبها، مهتمة، مراعية، بل ومحبة. ولكن كان ثمة فتور خافت. شعر به، وإن لم يتسن له أن يصفه وصفا متماسكا.
 بحلول ذلك الوقت، كانت حفلاتها قد قلت، وتباعدت، وبدأت التدريس في معهد محلي للموسيقى. رجعت هي وتيد إلى سكنى المدينة، بل والشقة القديمة نفسها، وقد باتت ملكية مشتركة ضمن نصف بيت قديم في حي ريفي داخل المدينة. كان للبيت فناء كبير، وكثير من الطيور، وتجاوره حديقة. غير أن الحياة التي كان ينبغي لها أن تكون حياة سرور، باتت بسبب هذه المسافة الخفية حياة ألم. مرت سنوات قليلة أخرى، لكن تيد فهم في نهاية المطاف أنه لا يريد أن يعيش حميمية خادعة. فذهب، وبكته المرأة، إلى أن حدث أخيرا في محاولة لاستعادة توازنها أن قررت تنظيف البيت وحينها فتحت الدرج وأخرجت قطعتي الحجر.
من الصمغ ما قد يلصق حجرا بحجر لصقا محكما لا يكاد يرى، والمرأة استعملت صمغا من هذا النوع لرتق الحجر. وهذا شيء لم يحدث من قبل للحجر. والآن لا ينبئ بالقصة إلا خط رهيف. وضعت المرأة الحجر على حافة شباك المطبخ المشمسة، وطاب مزاجها لدرجة أن بدأت تطبخ لنفسها عشاء مغذيا. قطعت ريحانا طازجا وثوما (بقدر ما حلا لها) وصبت زيت زيتون في طاسة، ثم وضعت الحجر في الحوض وصبت عليه هو الآخر زيت الزيتون. تشبعت مسام الحجر بالزيت. ومنذ ذلك الحين، كلما كان يبدو على الحجر الجفاف، كانت تزيته. وكلما بدا على الحجر الضجر، كانت تحمله إلى الشباك حتى يمكنه أن يرى ما يجري في إناء إطعام الطيور. وفي الليل، حين كانت تستقر في النور الذهبي المنبعث من مصباح القراءة، كانت تضع الحجر بجوارها على مفرش ثمين عتيق من الكتان المشغول. بلغت أرذل العمر في هذه الحياة الوادعة، وفي سنواتها القليلة الأخيرة خلّصت نفسها من كثير من المقتنيات لكي لا تجهد ابنة أختها وابنها ـ اللذين أحبتهما أشد الحب ـ بعد وفاتها. وأسعدها الحظ فماتت ـ نائمةً بانفجار في الأوعية الدموية ـ والحجر بجوارها. وفيما كان الدم يتسلل إلى مخها حلمت أنها دخلت حلقة جديدة من الزمن باتت فيه هي والحجر متماثلين عبر تكرار لانهائي لتحلل كل ما في الكون. فالجزيئات التي كانت في جسمها تضامت إلى جزيئات الحجر، مرارا وتكرارا في عصر تلو عصر. صار اللحم حجرا والحجر لحما، وفي يوم من الأيام يلتقيان في فم طائر.





ولدت لويز إردريتش في السابع من يونيو سنة 1954. هي روائية وقاصة وشاعرة وكاتبة أطفال أمريكية تعد من أهم أسماء الجيل الثاني من الكتاب الأمريكيين الذين ينحدرون من سكان أمريكا الأصليين. وصلت بعض أعمالها إلى التصفيات النهائية لجائزة بولتزر، وحصل بعضها الآخر على جوائز أمريكية. نشرت لها نيويوركر أخيرا قصة قصيرة وحوارا عنها أجرته معها ديبورا تريسمن محررة القصة فيالمجلة الأمريكية المرموقة.
نشرت القصة في الدوحة الثقافية نوفمبر 2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق