الثلاثاء، 24 مارس 2020

هل نقول وداعا للعولمة؟ ... 12 تصورا لعالم ما بعد كورونا


هل نقول وداعا للعولمة؟
12 تصورا لعالم ما بعد كورونا
شأن سور برلين أو انهيار ليمان براذرز، يمثل وباء فيروس كورونا حدثا مدمرا للعالم، ذا عواقب شديدة الاتساع ليس بوسعنا اليوم إلا أن نتخيلها. لكن المؤكد حتى هذه اللحظة هو أنه مثلما حطَّم هذا المرض حيوات، ومزق أسواقا، وفضح كفاءات الحكومات (أو انعدام كفاءتها بالأحرى)، فإنه سيؤدي إلى تحولات دائمة في القوى السياسية والاقتصادية على أنحاء لن تظهر إلا لاحقا.
لمساعدتنا في تبين التحولات الجذرية الجارية تحت أقدامنا مع تقدم هذه الأزمة، سألت فورين بوليسي عددا من كبار مفكري العالم عن تنبؤاتهم للنظام العالمي بعد الوباء.
فورين بوليسي في 20 مارس 2020
***
ستيفن وولت: عالم أقل انفتاحا ورخاء وحرية
(أستاذ كرسي رينيه بيلفر للعلاقات الدولة بجامعة هارفرد)
سوف يزيد الوباء من قوة الدولة ويعزز النزعات القومية. سوف تتبنى الحكومات من مختلف الأنواع إجراءات طوارئ لإدارة الأزمة، والكثير منها سوف يعزف بعد انتهاء الأزمة عن التخلي عن السلطات الجديدة.
سوف يعجِّل كوفيد 19 من تحول السلطة والنفوذ من الغرب إلى الشرق. فكوريا الجنوبية وسنغافورة هما صاحبتا أفضل استجابة، والصين كان رد فعلها جيدا بعد أخطائها الأولى. وبالمقارنة، يبدو رد الفعل في أوربا وأمريكا بطيئا واعتباطيا، بما يمثل خصما أكبر من الرونق الغربي.
ما لن يتغير هو الطبيعة الصراعية الجذرية للسياسات العالمية. فالأوبئة السابقة -ومنها وباء الإنفلونزا سنة 1918-1919 - لم تنه تنافس القوى العظمى ولا استهلت حقبة جديدة من التعاون العالمي. ولن يفعل ذلك كوفيد 19. بل سنشهد المزيد من التراجع للعولمة المفرطة، في ظل التفات المواطنين إلى الحكومات الوطنية لحمايتهم وفي ظل سعي الدول والشركات إلى تقليل نقاط ضعفها المستقبلية.
اختصارا، سوف يخلق كوفيد 19 عالما أقل انفتاحا، ورخاء، وحرية. ولم يكن هذا قضاء محتوما، لكن المزيج المؤلف من الوباء القاتل، وعدم كفاءة التخطيط، وعدم كفاءة القيادة، وضع الإنسانية على مسار جديد مثير للقلق.
***
روبين نيبليت: نهاية العولمة كما نعرفها
(اختصاصي العلاقات الدولية المرموق ومدير معهد تشاتهم هاوس الملكي للعلاقات الدولية)
أدى تنامي القوة الاقتصادية والعسكرية للصين بالفعل إلى إجماع الحزبين الأمريكيين الكبيرين على نية حرمان الصين مما لدى الولايات المتحدة من تكنولوجيا رفيعة وممتلكات فكرية ومحاولة إرغام حلفاء الولايات المتحدة على اتباع هذا النهج. لقد أدى تصاعد الضغط الشعبي والسياسي من أجل تحقيق أهداف تقليل انبعاثات الكربون بالفعل إلى إثارة أسئلة حول اعتماد كثير من الشركات على سلاسل التوريد الخارجية. والآن يرغم كوفيد 19 الحكومات والشركات والمجتمعات على تقوية قدرتها على احتمال فترات طويلة من العزل الذاتي الاقتصادي.
يبدو مستبعدا كثيرا في هذا السياق أن يرجع العالم إلى فكرة العولمة النافعة للجميع التي سادت مطلع القرن الحادي والعشرين. ودون حافز لحماية المكتسبات المشتركة من التكامل الاقتصادي العالمي، فإن معمار الحكم الاقتصادي العالمي الذي تأسس في القرن العشرين سرعان ما سيضمر. وحينئذ سوف يلزم قدر هائل من الانضباط الذاتي لدى القادة السياسيين للحفاظ على التعاون الدولي وعدم التراجع إلى التنافس الجيوسياسي الصريح.
بإثباتهم قدرتهم أمام الشعوب على إدارة أزمة كوفيد 19 سوف يشتري القادة بعض رأس المال السياسي. أما من يفشلون فسوف يصعب عليهم مقاومة إغراء تحميل غيرهم مسؤولية فشلهم.
***
كيشوري محبوباني: عولمة ذات مركزية صينية أكبر
(أكاديمي ودبلوماسي سنغافوري كان مندوبا دائما لبلده في الأمم المتحدة ورئيسا لمجلس الأمن في ما بين 2001-2002)
لن يلحق وباء كوفيد 19 تغييرا أساسيا بالاتجاهات الاقتصادية العالمية. لن يعجِّل التغير الذي بدأ بالفعل: أي الابتعاد عن العولمة ذات المركزية الأمريكية إلى عولمة ذات مركزية صينية أكبر.
لماذا سيستمر هذا الاتجاه؟ لأن الأمريكيين فقدوا الإيمان بالعولمة والتجارة الدولية. ولأن اتفاقات التجارة الحرة تسممت سواء في وجود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أو في عدم وجوده. في المقابل، لم تفقد الصين إيمانها. لماذا؟ ثمة أسباب تاريخية أشد عمقا. يعرف الزعماء الصينيون الآن أن قرن مذلة الصين في ما بين 1842 و1949 كان نتيجة لرضا الصين عن نفسها ولجهود زعمائها العقيمة لقطع ما بينها وبين العالم. في المقابل، كانت عقود النهوض الاقتصادي القليلة الماضية هي نتيجة للانخراط في العالم. كما شهد الشعب الصيني انفجارا في الثقة الثقافية. ويعتقد أن بوسعه المنافسة في أي مكان.
ويترتب على ذلك، مثلما أوثِّق في كتابي الجديد "هل انتصرت الصين؟"، أن أمام الولايات المتحدة خيارين. لو أن هدفها الأساسي هو الحفاظ على صدارتها العالمية، فسيكون عليها الدخول مع الصين على المستويين السياسي والاقتصادي في منافسة جيوسياسية لا تحتمل غير فائز واحد. أما لو كان هدف الولايات المتحدة هو زيادة سلامة الشعب الأمريكي ـ الذي تدهور وضعه الاجتماعي ـ فعليها أن تتعاون مع الصين. والنصيحة الحكيمة تقول إن التعاون هو الخيار الأفضل. ولكن في ظل البيئة السياسية الأمريكية المسممة تجاه الصين، لن تسود الحكمة.
***
جون إيكنبيري: سوف تخرج الدول الديمقراطية من شرانقها
(أستاذ السياسة والعلاقات الدولية بجامعة برنستن)
في المدى القصير، سوف تبث الأزمة الطاقة في جميع المعسكرات المتعددة في الجدال الاستراتجي الكبير في الغرب. القوميون ومناهضو العولمة وصقور الصين وحتى الدوليون الليبراليون سوف يرون دليلا جديدا على أهمية رؤاهم. في ضوء الضرر الاقتصادي والانهيار الاجتماعي الجاري، تصعب رؤية أي شيء عدا تعزيز الحركة إلى الوطنية، والتنافس بين القوى العظمى، والفصل الاستراتيجي، وما شابه ذلك.
لكن شأن ثلاثينيات القرن العشرين وأربعينياته، قد يكون هناك أيضا تيار معاكس بطيء التكون، هو نوع من الدولية الصلبة يشابه ما بدأ فرانكلين دي روزفلت وقليل غيره من رجال الدولة إيضاحه قبل الحرب وخلالها. لقد أوضح انهيار الاقتصاد العالمي في ثلاثينيات القرن العشرين مدى اتصال المجتمعات الحديثة ومدى ضعفها أمام ما سماه روزفلت بالعدوى. لقد كانت الولايات المتحدة أقل عرضة للتهديد من القوى العظمى منها بقوى الحداثة العميقة ـ وشخصية دكتور جيكل ومستر هايد. ما توصل إليه روزفت وغيره من الدوليين هو نظام لما بعد الحرب يعيد بناء نظام مفتوح بأشكال جديدة  للحماية وقدرات لإدارة اعتماد الدول على بعضها بعضا. لم تستطع الولايات المتحدة ببساطة أن تختفي داخل حدودها، فكان عليها أن تعمل من خلال نظام ما بعد الحرب المفتوح الذي استوجب بناء بنية أساسية عالمية للتعاون عديد الأطراف.
فقد تمضي الولايات المتحدة وغيرها من الديمقراطيات الغربية في هذا المسار نفسه من ردود الأفعال مدفوعة بإحساس غامر بالضعف، وقد يكون رد الفعل قوميا في أول الأمر، لكن على المدى الأبعد سوف نخرج الدول الديمقراطية من شرانقها لتجد نوعا جديدا من الدولية البرجماتية الحمائية.
***
شانون كيه أونيل: أرباح أقل، استقرار أكبر
(نائب رئيس، ونائب مدير الدراسات وكبير زملاء ديفيد روكفيلر، وكبير زملاء دراسات أمريكا اللاتينية)
يقوض كوفيد 19 الأعمدة الأساسية للتصنيع العولمي. فالشركات الآن سوف تعيد النظر وتقلص سلاسل الإمداد متعددة الخطوات متعددة الدول التي تسيطر على الإنتاج اليوم.
لقد كانت سلالسل الإمداد العالمية تتعرض بالفعل للخطر ـ اقتصاديا، بسبب تصاعد تكلفة العمالة الصينية، وبسبب حرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التجارية، وبسبب تقدم الروبوتات، والأتمتة، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وسياسيا، بسبب خسائر الوظائف الحقيقية والمتوقعة وبخاصة في الاقتصاديات الناضجة. وقطع كوفيد 19 الآن كثيرا من هذه الروابط: فإغلاق المصانع في المناطق الموبوءة حرم المصنعين الآخرين ـ كالمستشفيات والصيدليات والأسواق ومتاجر التجزئة ـ من السلع والمنتجات.
في الجانب الآخر للوباء، سوف تطالب المزيد من الشركات بمعرفة المزيد عن الأماكن التي تأتي منها إمداداتها وسوف تعلي الكفاءة على الوفرة. وستتدخل الحكومات أيضا، مرغمة الصناعات التي تراها استراتيجية على امتلاك خطط دعم واحتياطيات محلية. ستقل الربحية، لكن استقرار الإمدادات سوف يرتفع.
***
شيفشنكار مينون: قد يكون هذاالوباء مفيدا
(دبلوماسي هندي عمل مستشارا للأمن الوطني في بلده، ووزيرا للخارجية)
لم نزل في الأيام الأولى ولكن أمور ثلاثة تبدو واضحة.
أولا، وباء كورونا سوف يغير السياسات داخل الدول وبينها على السواء. فالمجتمعات ـ حتى الليبرتارية منها ـ لم تلتفت إلا إلى قوة الحكومة. ونجاح الحكومة النسبي في التغلب على الوباء وآثاره الاقتصادية سوف يفاقم أو يقلل من القضايا الأمنية والاستقطاب الحديث داخل المجتمعات. في كل الحالات، الحكومة رجعت. تبين التجربة حتى الآن أن الاستبداديين أو الشعبويين ليسوا أفضل معالجة للوباء. فالحق أن الدول التي استجابت مبكرا وبصورة ناجحة مثل كوريا وتايوان هي دول ديمقراطية، وليست الدول التي يديرها المستبدون أو الشعبويون.
ثانيا، ليست هذه هي نهاية العالم المترابط. فالوباء ذاته دليل على اعتماد بعضنا على بعض. لكن في جميع الدول ثمة بالفعل انكفاء على الذات، وبحث عن الاستقلال الذاتي وسيطرة الدولة على مصيرها. نحن إذن باتجاه عالم أفقر، وأخس، وأصغر.
أخيرا، ثمة علامات للأمل والحس السليم. بادرت الهند بعقد مؤتمر عبر الفيديو لجميع زعماء جنوب آسيا لوضع رد فعل إقليمي مشترك على هذا الخطر. فلو صدمنا الوباء فجعلنا ندرك مصلحتنا الحقيقية في التعاون المتبادل في القضايا الدولية الكبرى التي تواجهنا، سيكون قد حقق هدفا نافعا.
***
جوزيف إس ناي: القوة الأمريكية سوف تحتاج إلى استراتيجية جديدة
(أستاذ علوم سياسية أمريكي)
في عام 2017، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استراتيجية جديدة للأمن الوطني تركز على تنافس القوى العظمى. يبين كوفيد 19 أن هذه الاستراتيجية غير كافية. فحتى لو أن الولايات المتحدة باقية كقوة عظمى، فإنها لا تستطيع حماية أمنها بعملها منفردة.
ومثلما أوجز رتشارد دانزج المشكلة في 2018: "إن تقنيات  القرن الحادي والعشرين عالمية ليس فقط في توزيعها، بل وفي عواقبها كذلك. الفيروسات، وأنظمة الذكاء الاصطناعي، وفيروسات الكمبيوتر، والإشعاعات التي قد يطلقها الآخرون قد تصبح جميعا مشكلة لنا بقدر ما هي مشكلة لهم. أنظمة معلومات التقارير، وأدوات السيطرة المشتركة، وخطط الطوارئ العامة، والأعراف، والمعاهدات، لا بد من التعامل معها بوصفها وسائل إدارة للأخطار المشتركة الكثيرة".
في الأخطار العابرة للجنسيات مثل كوفيد 19 والتغير المناخي ، ليس كافيا أن نفكر في القوة الأمريكية على الدول الأخرى. فمفتاح النجاح هو تعلم أهمية القوة مع الآخرين. إن كل بلد يقدم مصالحه أولا، والسؤال المهم هم تحديد مدى اتساع أو ضيق هذه المصالح. إن كوفيد 19 يبين أننا عاجزون عن تكييف استراتيجيتنا لهذا العالم الجديد.
***
جون آلن: تاريخ كوفيد 19 سوف يكتبه المنتصرون
(رئيس معهد بروكنجز)
التاريخ كالعادة سوف يكتبه "المنتصرون" في أزمة كوفيد 19. إن كل بلد ـ بل كل فرد بصورة متزايدة ـ يشهد التوتر المجتمعي لهذا المرض بطرق جديدة ونافذة. وحتما، سوف تزعم الأمم التي تنجو ـ بفضل كل من تميز نظاميها السياسي والاقتصادي وكذلك من منظور الصحة العامة ـ أنها نجحت في ما فشل فيه من يعانون نتاجا مختلفا أكثر تدميرا. سيبدو هذا بالنسبة للبعض نصرا عظيما للديمقراطية والتعددية والرعاية الصحية الشاملة. وبالنسبة لآخرين سيبدو "منفعة" واضحة للحكم الاستبدادي الحاسم.
في كلتا الحالتين، سوف تعيد هذه الأزمة ترتيب أوراق بنية القوة الدولية بطرق لا نملك الآن إلا البدء في تخيلها. سيظل كوفيد 19 يضغط على النشاط الاقتصادي ويزيد التوتر بين الدول. على المدى البعيد، سوف يقلل الوباء بصورة ملموسة القدرة الإنتاجية للاقتصاد العالمي، وبخاصة إذا أغلقت الأعمال وانفصل الأفراد عن قوة العمل. ومخاطرة الانفصال كبيرة بصفة خاصة على الدول النامية وغيرها من الدول ذات الأنصبة الكبيرة من العمالة الضعيفة اقتصاديا. وسوف يقع النظام الدولي بدوره تحت ضغط هائل مما يؤدي إلى عدم استقرار وانتشار للصراع داخل الدول وبينها.
***
لوري جاريت: مرحلة درامية جديدة في الرأسمالية العالمية
(كاتبة علمية حاصلة على جائزة بولتزر وكبيرة زملاء الصحة العالمية في مجلس العلاقات الخارجية سابقا)
تتمثل الصدمة الأساسية لنظام العالم التمويلي والاقتصادي في إدراك أن سلاسل الإمداد العالمية وشبكات التوزيع ضعيفة في العمق وعرضة للتفكك. ولذلك فإن وباء كورونا لن يؤدي فقط إلى آثار اقتصادية طويلة الأمد، بل سيؤدي إلى تغيير أساسي.
لقد أتاحت العولمة للشركات أن تنشر التصنيع في العالم كله وتوصل منتجاتها إلى الأسواق بنظام الإنتاج في الوقت [JUST-IN-TIME] متجاوزة تكاليف التخزين. السلع التي كانت تبقى على الرفوف لأيام قليلة كانت تعد إخفاقات سوقية. تحتم أن يصبح الإمداد على مستوى عالمي مرتبا بعناية. لكن أثبت كوفيد 19 أن الفيروسات لا تصيب البشر وحسب، بل وتسمم نظام الإنتاج في الوقت بأكمله.
في ضوء حجم خسائر السوق التمويلي التي شهدها العالم منذ فبراير، يحتمل أن تخرج الشركات من هذا الوباء متحفزة بلا جدال لنموذج الإنتاج في الوقت وللإنتاج المشتت عالميا. وقد تكون النتيجة مرحلة جديدة درامية في الرأسمالية العالمية، يؤتى فيها بسلاسل الإمداد إلى مقربة من الوطن وتملأ بالوفرة للحماية من التفكك المستقبلي. وهذا قد يقلل من أرباح الشركات في المدى القريب ولكنه يجعل النظام بأكمله أكثر مرونة.
***
رتشارد هاس: مزيد من الدول الفاشلة
(دبلوماسي أمريكي، ورئيس سابق لمجلس العلاقات الخارجية)
ليست "الدائم" من الكلمات الأثيرة عندي، لكنني قد افكر أن أزمة فيروس كورونا، لسنوات قليلة على الأقل، سوف تجعل معظم الحكومات تتجه إلى الداخل، مركزة على ما يجري داخل حدودها أكثر من تركيزها على ما يجري خارجها. أتوقع حركات أكبر نحو الاكتفاء الذاتي الانتقائي (ونتيجة له الحرمان التكنولوجي) وذلك في ضوء ضعف سلاسل الإمداد، ومزيدا من المعارضة للهجرات كبيرة النطاق، وتراجعا في الالتزام بالتعامل مع المشكلات الإقليمية والعالمية (ومنها التغير المناخي) في ضوء تصور الاحتياج إلى تخصيص الموارد لإعادة البناء داخليا والتعامل مع العواقب الاقتصادية للأزمة.
أتوقع أن يصعب على أمم كثيرة التعافي من الأزمة، وأن تتحول الدول الضعيفة والدول الفاشلة إلى ملمح أكثر انتشارا في العالم. سوف تشتد الأزمة في التدهور الذي تشهده العلاقات الصينية الأمريكية وضعف التكامل الأوربي. في الجانب الإيجابي، سوف نشهد بعض التقوية المتواضعة للصحة العامة العالمية. لكن هذه الأزمة التي تضرب جذورها في العولمة سوف تضعف إجمالا من عزيمة العالم وقدرته على التعامل معها بدلا من أن تضيف إليها.
***
كوري شاكي: الولايات المتحدة فشلت في اختبار القيادة
(نائبة مدير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية)
لن تبقى الولايات المتحدة محسوبة كقائد للعالم بسبب المصلحة ضيقة الأفق لحكومتها وخرقها وعدم كفاءتها. لقد كان يمكن أن تكون الآثار العالمية لهذا الوباء أخف وطأة بوجود منظمات علمية توفر المزيد والأسرع من المعلومات فتوفر الوقت للحكومات كي تستعد وتوجه مواردها إلى الأكثر احتياجا. وذلك ما كان بوسع الولايات المتحدة أن ترتبه، مظهرة أنها في حين تحافظ على مصالحها الذاتية، فإن اهتمامها ليس محصورا في نفسها. واشنطن فشلت في اختبار القيادة، والعالم أسوأ حالا بسبب ذلك.
***
نيكولاس بيرنس: في كل بلد نرى قوة الروح الإنسانية
(كاتب وأستاذ جامعي ودبلوماسي أمريكي سابق)
يمثل وباء كوفيد 19 أكبر أزمة في هذا القرن، بما له من عمق وحجم هائلين. فأزمة الصحة العامة تهدد كل فرد من الـ 7.8 بليون نسمة على وجه الأرض. وقد تتجاوز الأزمة المالية والاقتصادية في تأثيرها الكساد الكبير سنة 208-2009. وبوسع كل أزمة وحدها أن تحدث صدمة زلزالية تغير بصفة دائمة النظام الدولي وتوازن القوى كما نعرفهما.
حتى تاريخه، لم يكن التعاون العاملي كافيا. ولو أن الولايات المتحدة والصين ـ وهما أقوى دول العالم ـ عاجزتان عن تنحية الحرب الكلامية المنصبة على تحميل أي منهما مسؤولية الأزمة والقيادة بشكل أكثر فعالية، فقد يلحق بمصداقية كل منهما ضرر جسيم. ولو أن الاتحاد الأوربي عاجز عن توفير عون أفضل توجيها لمواطنيه البالغ عددهم 500 مليون نسمة، فقد تسترد الحكومات الوطنية مزيدا من القوة من بروكسل في المستقبل. الأهم على مستوى الولايات المتحدة هو قدرة الحكومة الفدرالية على توفير إجراءات فعالة لصد الأزمة.
غير أن في كل بلد أمثلة كثيرة على قوة الروح الإنسانية ـ لدى الأطباء والممرضات والزعماء السياسيين والمواطنين العاديين ممن أظهروا قوة وفعالية وقيادة. وفي هذا أمل لنا في أن الرجال والنساء في العالم يمكن أن ينتصروا في مواجهة هذا التحدي الاستثنائي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق