إلى سارة
أنطوان ويلسن
كنت أشرب
قهوة مع صديق في لوس آنجلس، في مقهى رائع يبيع الكتب أيضا. وبفعل نزوة عابرة، قرَّرت
أن أرى إن كانت لديهم كتب لي.
مضيت نحو
قسم حرف الواو، وهناك وجدتها، روايتي الأولى، على الرفّ. شعرت بسعادة أعقبها القلق
على الفور. لماذا لم يشترها أحد؟
فتحت
الكتاب وأدركت أنه نسخة مستعملة. ووجدت الإهداء: "إلى سارة ـ أرجو أن تستمتعي
بكتابي الصغير الملتوي"، ثم توقيعي والتاريخ.
استعرضت
سجل مكتبتي الذهني محاولا أن أتبيَّن أيَّ سارة تلك. لقد عرفت سارات كثيرات، فلا
بد أنه كان اسما شائعا للفتيات في أوائل السبعينات. توقفت أول ما توقفت عند
السارات الكاتبات، وكنت أعد الكثيرات منهن زميلات محترمات أو مجايلات أكثر نجاحا.
حاولت أن أتذكر أيهن ينتهي اسمها بـ h فهي Sarah لا بـ a.
كنت أريد
أن أثير إعجاب تلك السارات. كنت أريدهن أن يرين كتابي قيِّما مثلما كنت أرى كتبهن.
آلمني أن أتخيل إحداهن وقد تخلَّت عن نسخة موقَّعة من روايتي الأولى.
كنت
أواعد سارة أيضا في يوم من الأيام. حاولت أن أتذكر إن كانت حضرت إحدى فعاليات
كتابي. نعم، لقد حضرت حفل التدشين. وكانت تدعمني بقوة في تلك السنوات الجامعية.
متي أقيم ذلك الحفل؟ حاولت أن أتذكّر التاريخ. هل مرت حقا كل تلك السنوات؟ رجعتُ
إلى بيت أبويها، إذ أريها بعض الصفحات، ثم إذا بي في متجر الكتب أتساءل كيف احتجت
كل تلك السنوات لكتابة بضع روايات. وهكذا هو تأليف الكتب، قادر في آن واحد على ضغط
الزمن وتوسعته.
نظرت مجدَّدا
إلى الإهداء ولاحظت أن التاريخ أسبق من حفل التدشين بشهر. عجيب. ثم تذكَّرت مهرجان
الكتاب. كان ناشري قد أمدَّني ببضع نسخ مبكرة بمناسبة مشاركتي في ندوة.
شاركت في
تلك الندوة مع روائي ناشئ وروائي حاصل على جائزة. حضر الكثيرون تلك الندوة،
واصطفَّ قليلون لشراء الكتاب بعد انتهائها. (ظننت أن الأمر سيكون كذلك دائما،
ولكنني في السنوات التالية، لم أر جمعا مماثلا إلا حينما كان بين المشاركين في
ندوة ابن روائي شهير).
لعل سارة
هذه النسخة كانت ضمن جمهور ذلك المهرجان. لعل الكتاب أعجبها، ولعله لم يعجبها.
لعلها وجدت نفسها مرغمة على شراء نسخ من كتب جميع المشاركين. تخففت. لم أشعر بألم،
أو بضغينة.
مع ذلك،
طلبت قلما من البائع. كشطت الإهداء، وكتبت بدلا منه "إليك أنت"
ووقعت وأرَّخت.
بعد
شهور، تلقيت رسالة عبر البريد الإلكتروني من كاتب كنت أعرفه قليلا من كتاباته
وأكنّ له إعجابا كبيرا.
كتب يقول
"اشتريت نسخة من كتابك، وكانت بالفعل مهداءة إليَّ".
عن ذي
باريس ريفيو
أنطوان
ويلسن روائي أمريكي كندي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق