الخميس، 24 يوليو 2014

مغامرات الأعمال

بيل جيتس يكتب لوول ستريت جورنال عن
مغامرات الأعمال
بيل جيتس




لم يكن قد مر وقت طويل على لقائي للمرة الأولى سنة 1991 بوارٍن بوفيت حين سألته أن يرشح لي كتابه المفضل في الاقتصاد والأعمال، فلم يتردد ولو وهلة وقال لي "مغامرات الأعمال" لجون بروكس وقال "سأبعث لك نسختي". وثار فضولي: فلم أكن سمعت قبلها عن مغامرات الأعمال أو عن جون بروكس.
وارن بوفيت 
واليوم بعد أكثر من عقدين على إعارة وارين الكتاب لي، وبعد أكثر من أربعة عقود على صدور الكتاب للمرة الأولى، لا يزال مغامرات الأعمال أفضل كتاب قرأته في بابه. ولا يزال جون بروكس الكاتب المفضل عندي في هذا الباب أيضا. (ويا وارن، إن كنت تقرأ هذا، كتابك لا يزال لدي).
قد يتساءل متشكك كيف لكتاب به مجموعة مقالات نشرت في نيويوركر في الستينيات أن يخاطب بأي شيء عالم الأعمال اليوم. ففي نهاية المطاف عندما كتب بروكس عن زيروكس سنة 1966 كان أرقى إنتاج الشركة من آلات نسخ الورق يزن 650 رطلا ويباع بـ 27500 دولار ويحتاج إلى عامل متفرغ لتشغيله ويباع معه مبرِّد لميله إلى السخونة. ولكن أمورا كثيرة تغيرت منذ ذلك الحين.
صحيح ولا شك أن كثيرا من دقائق الأعمال قد تغيرت، ولكن أساسياته تبقى كما هي. ورؤى بوكر العميقة لا تزال وثيقة الصلة بأعمال اليوم مثلما كانت وثيقة الصلة بالأعمال في وقتها. وفي ضوء قدمه، فإن "مغامرات الأعمال" يقف جنبا إلى جنب مع كتاب "المستثمر الذكي" لبنيامين جراهام الصادر في عام 1949 والذي يقول وارن إنه أفضل كتاب قرأه في الاستثمار.
نشأ بروكس في نيو جيرسي أثناء فترة الكساد الكبير، ودرس في جامعة برنستن (حيث تشارك في غرفة واحدة مع وزير الخارجية باعتبار ما سيكون جورج شولتز)، وبعد خدمته العسكرية أثناء الحرب العالمية الثانية، اتجه إلى الصحافة وحلم بأن يصبح روائيا. وعلاوة على عمله الصحفي، أصدر عددا من الكتب، قليل منها هو الذي لم ينفد بعد. ومات في عام 1993.
بحسب ما كتب الصحفي مايكل لويس في مقدمته لكتاب بروكس "سنوات الاندفاع The Go-Go Years " فحتى حينما كان بروكس يخطئ "كان يخطئ بطريقة مثيرة على الأقل". وخلافا لكثير ممن يكتبون اليوم في الأعمال، لم يكن بروكس يتدنى بكتابته إلى مستوى النصائح المباشرة أو التفسيرات التبسيطية للنجاح. (فكم من مرة قرأتَ عن شركة ما نجحت إلا لأنها توفر لموظفيها وجبة غذاء مجانية؟). لن تصادفوا في كتاباته قوائم، بل مقالات طويلة تؤطر الموضوع وتستكشف أعماقه وتقدم شخصيات قليلة مقنعة وتبيِّن كيف سارت أمورها.
في مقالة عنوانها "الفلاسفة المتأثرون" يستخدم واقعة تثبيت للأسعار في شركة جنرال إلكتريك للتأمل في سوء التواصل ـ وسوء التواصل العمدي في بعض الأحيان ـ بين المستويات السلم الإداري المختلفة داخل الشركة. كتب عن ذلك يقول إنها حالة "من انهيار التواصل بلغت من التردي ما يجعل من برج بابل نصرا للدعم المؤسسي".
وفي "مصير إدسل" يدحض التفسيرات الشائعة للفشل التاريخي الذي منيت به هذه السيارة من سيارات فورد. فلم يكن السبب أن السيارة خضعت لاستطلاعات رأي كثيرة، بل لأن موظفي فورد تصرفوا وكأنهم يتصرفون بناء على استطلاعات الرأي. فـ "على الرغم من أن الإعلان والترويج لـ إدسل كان يفترض أنها تعبير دقيق عن تفضيلات الجمهور بحسب استطلاعات الرأي، إلا أن بعض مناهج البيع العتيقة تسللت أيضا". ولم يكن مفيدا بالقطع أن تم تسلم أولى سيارات إسدل "بتسريبات في الزيت، وأغطية ناتئة، وحقائب لا تفتح، وأزرار لا تعمل ... ولا تتزحزح حتى بمطرقة".
ومن أدلّ مقالات بروكس مقالة عنوانها "زيروكس زيروكس زيروكس" (والعنوان وحده يحتل مكانا في قاعة الشهرة الصحفية). وقصة زيروكس هذه درس لا بد أن يتعلمه كل مهتم بصناعة التكنولوجيا. فقد بدأت زيروكس في أوائل السبعينيات بتمويل ضخم لقطاع بحثي لم يكن يتصل اتصالا مباشرا بالنسخ، ومن بينها أبحاث قادت إلى شبكات الإيثرنت Ethernet  وإلى أول واجهة جرافيكية للمستخدم (هي المعروفة الآن بويندوز أو بـ أو إس إكسOS X).
ونظرا لأن زيروكس رأت أن تلك الأفكار لا تلائم جوهر نشاطها، فقد اختارت ألا تحولها إلا منتجات سوقية. فتقدم آخرون ودخلوا إلى السوق بمنتجات قائمة على الأبحاث التي نفذتها زيروكس. فاعتمد كل من آبل وميكروسوفت ـ على سبيل المثال ـ على واجهات المستخدم الجرافيكية.
أعرف أنني لست الوحيد الذي يرى هذا قرارا خاطئا من جانب زيروكس. وكنت لأتجنبه بلا شك في ميكروسوفت. وقد دفعت بقوة للتأكد من أننا نفكر في أفكار ضخمة فيما يتعلق بالفرص التي تخلقها أبحاثنا في مجالات مثل رؤية الكمبيوتر وتمييز الصوت. ومع أن كثيرا من الصحفيين كتبوا عن زيروكس، إلا أن مقالة بروكس تحكي جزءا مهما من قصة الشركة المبكرة. فهو يبيِّن كيف نشأت في الأصل، من خلال التفكير خارج الصندوق، الأمر الذي يزيد دهشتنا من عدم استغلال زيروكس في نضجها لأفكار غير تقليدية هي التي طورتها من خلال باحثيها.
ولقد كان بروكس حكاء بارعا. فكان بوسعه أن يبدع عملا مثيرا مثل "آخر الأركان العظيمة" عن الرجل الذي أسس سلسلة بيجي ويجلي للبقالة ومحاولاته إحباط محاولات المستثمرين للتأثير السلبي على مخزونه. ففي ثنايا القراءة كنت أتلهف على أن أعرف كيف انتهت الأمور به. (وأسر إليكم بالنتيجة: لم تنته على ما يرام). وفي أوقات أخرى يمكن أن تصل إلى آذانكم ضحكات بروكس وهو يروي قصة عبثية. ففي "مصير إدسل" فقرة عن مسئول علاقات عامة ينظم عرض أزياء لزوجات الصحفيين. ويتبين أن مقدمة الحفل كانت متخصصة في التقليد، وهذا وإن بدا اليوم مضحكا ومسليا إلا أنه كان في عام 1957 أقرب إلى الفضيحة. ويلاحظ بروكس أن زوجات الصحفيين "استطعن أن يملين على أزواجهن فقرة أو اسنتين في أخبارهم".
يذكِّرنا عمل بروكس أن قواعد إدارة الأعمال الكبرى وتحقيق القيمة لم تتغير. لسبب واحد، هو أن هناك عاملا بشريا جوهريا في كل نشاط اقتصادي. فمهما يكن لديك منتج مثالي، وخطة إنتاج جيدة، وحملة ترويجية محكمة، ستبقى بحاجة إلى العناصر البشرية المناسة لتنفيذ هذه الخطط.
وهذا درس يتعلمه المرء بسرعة في مجال الأعمال، وقد تذكرته في كل خطوة خطوتها في حياتي المهنية، في ميكروسوفت أولا وفي المؤسسة التي أديرها حاليا. أيُّ الناس سيكونون في ظهرك؟ هل أدوارهم تلائم قدراتهم؟ هل لديهم من الذكاء ما يعينهم على النجاح؟ ولقد اشتهر وارن بهذا المنهج في بركشير هاذاواي حيث يشتري الأنشطة الكبرى التي يديرها المدراء الرائعون ثم ينسحب هو.
مغامرات الأعمال كتاب عن قوة القيادات بقدر ما هو عن ضعفها، في الظروف القاسية والمواتية، وعن دقائق العمل وعمومياته. ومن هنا فهو لا يزال وثيق الصلة برغم قدمه، أو بسبب قدمه. فهو عمل عن الطبيعة البشرية، ولذلك فقد بقي برغم الزمن.



بيل جيتس رئيس مجلس إدارة (مشاركا) لمؤسسة بيل وميلندا جيتس، والشريك المؤسس لـ ميكروسوفت.

هل هناك شيء اسمه الرواية الأمريكية العظمى؟

هل هناك شيء اسمه الرواية الأمريكية العظمى؟
سارة جراهام


لورنس بيول

في مسرحية "الفطائر العليا" لتريسي ليتس (2010) يتلقى آرثر ـ صاحب مخبز ـ حزمة دفاتر من فرانكو الموظف الجديد لديه والذي يوضح له أن هذه الدفاتر تحتوي على "الرواية الأمريكية العظيمة يا سيدي. من تأليف المخلص لكم دائما". يرجع فرانكو تشكيك آرثر في كلامه هذا إلى العنصرية: "تظن أنني لا أستطيع كتابة الرواية الأمريكية العظيمة لأنني رجل أسود". دراسة لورنس بيول لمفهوم الرواية الأمريكية العظيمة يفسر لنا رد فعل آرثر. فقبل منتصف القرن العشرين، لم يكن ثمة غير ناقد واحد هو الذي يعتقد بأن الرواية الأمريكية العظيمة يمكن أن يكتبها شخص غير أبيض، والدراسة المسحية التي يجريها بيول تشير إلى أنه لم يطرأ تغير يذكر منذ ذلك الحين على مفهوم العظمة الأدبية.
من المقولات الأساسية في "حلم الرواية الأمريكية العظيمة" أن الروايات مؤهلة تماما للقيام بمهمة تمثيل الجوهر الأمريكي، وذلك لكونها "حاملة لـ’الخيالات الوطنية’ المتطورة ومحدِّدة لها". تنظر هذه الدراسة الطويلة المفصلة في الأعمال الروائية التي طالما اعتبرت متنافسة على التاج، تاج الرواية الأمريكية العظيمة، وتحاول إيضاح أسباب جدارة هذه الأعمال بهذه المنافسة. كما يعنى بيول بدراسة الروايات التي لقيت احتفاء وقت صدورها ثم عفا عليها الزمن، وروايات أخرى تتضح جدارتها بفضل النظر إليها بأثر رجعي. وفي ثنايا استكشافه للروايات الأمريكية الأكثر تميزا، يتأمل بيول السبب في حلم أمريكا بتعيين رواية واحدة تكون الأفضل تعبيرا عن الأمريكية. ويعترف بالمفارقة الكامنة في أنه على الرغم من أن مفهموم الرواية الأمريكية العظيمة يبدو قائما على "خيلاء وطنية"، فإن أكثر الروايات التي احتفي بها واعتبرت الرواية الأمريكية العظيمة هي روايات "بعيدة أشد ما يكون البعد عن الوطنية". بل هي بالأحرى تنطوي على "نقد ذاتي وطني" يقوم نمطيا على أساس التفاوت الاجتماعي.
ظهرت عبارة الرواية الأمريكية العظمى على يد جون دبليو دي فورست في يناير سنة 1868، ولكنه الظهور المكتوب فقط، فقد كانت العبارة مستخدمة شفويا من قبل، حيث كان يستخدمها بي تي بارنوم في السخرية من الناشرين الذين يروجون لرواياتهم مؤكدين ‘على ظهور الرواية الأمريكية العظمى أخيرا، وذلك كأداة للتسويق لا كاعتراف بالقيمة الأدبية.
كانت أول رواية توصف بالأمريكية العظمى هي رواية "كوخ العم توم" (1852) لهارييت بيتشر ستو التي يفترض أنها أثارت الحرب العظمى التي أنهت العبودية في الولايات الجنوبية. ولهذا السبب يعتبرها بيول النموذج الأمريكي البارز للفن السياسي: "لقد غيرت العالم" ولا تزال تحتفظ بمكانتها على الرغم من الانتقادات الموجهة إلى طريقتها في تصوير السود. وتبين هذه الرواية أيضا أن من الممكن للرواية الأمريكية العظمى أن تكون بقلم امرأة، برغم الإجماع النقدي الذي يذهب إلى عكس ذلك. بلغ النقاش في مسألة الرواية الأمريكية العظمى ذروته في الفترة من ستينيات القرن التاسع عشر وحتى عشرينيات القرن العشرين، وهي الفترة التي شهد فيها وعد الحلم الأمريكي حضورا مماثلا. وبعدما قتلت رواية "جاتسبي العظيم" (1925) هذا الحلم، جنبا إلى جنب بطل الرواية نفسه، بطل الاهتمام بتعيين الرواية الأمريكية العظمى وفقد شعبيته، وذلك ربما لأنه بدأ يصعب على أمة دائمة التغير أن تؤمن بأن رواية واحدة ـ مهما بلغ طولها ـ يمكن أن تمثل أمريكا في تنوعها.
وبما أن وظيفة الرواية الأمريكية العظمى هي أن تمثل الأمريكية، يقترح بيول أن أفضل تحقيق لأهدافها إنما يكون من خلال جملة من الأعمال لا من خلال عمل واحد. والأعمال الأساسية التي يقترحها لهذا الدور شهيرة ومألوفة. وبدلا من أن يناقش بيول هذه الروايات بحسب ترتيب صدورها، فإنها يرتبها وفقا لأربع ثيمات. وهو قرار يجدد الجدل النقدي بإظهاره كيف يمكن للروايات "أن تتحاور" فيما بين بعضها البعض، ويفضي إلى بعض المقارنات الآسرة، من قبيل المقارنة بين "أبسالوم! أبسالوم" لفوكنر و"ذهب مع الريح" لمارجريت ميتشل، الصادرتين في عام 1936.
الثيمة الأولى تجمع بين روايات "أصبحت من الكلاسيكيات من خلال إعادة الحكي" الذي كان ضروريا بسبب تكرار نفس الهموم عبر العقود، فبرزت تلك الروايات بيبب إعادة كتابتها واستلهامها عبر الأجيال التالية. والبارز في هذه الفئة رواية "الحرف القرمزي" (1850) لناثانيل هوثورن والتي تتناول أساسا "مصاعب توطين المهاجرين" في غير أماكنهم، وهي أزمة تظهر في نصوص عديدة منها "الأوربيون" (1878) لهنري جيمس و"القابض على الريح" (1993) لباراتي مخرجي.
الفئة الثانية هي روايات "الصعود" التي تحكي قصص الصعود من أصول متواضعة وذلك أساس الحلم الأمريكي. أغلب الكتاب تناولوا هذا الموضوع متأخرين، لكنهم لما فعلوا (في مطلع القرن العشرين) أثاروا الشكوك حول نمط التحول من الفقر  المدقع إلى الثراء. فخطوط بنيامين فرانكلين الإرشادية لتحقيق الثراء، هي التي يتبعها بحماس الشاب جاتسبي فلا يفضي به اتباعها إلا إلى كارثة. ويقارن هذا برواية ثيودور درايسر "مأساة أمريكية" (1925) التي اعتبرت يوما "الرواية الأمريكية العظمى في جيلنا" ثم لم يعد أحد يذكرها الآن. في المقابل نرى أن "الرجل الخفي" (1952) لرالف إيليسن لا تزال "مرشحة بقوة كرواية أمريكية عظمى" لأن لمأساتها صدى لدى جميع القراء مع تأكيدها على خواء الحلم الأمريكي. ولكن بيول يرى أن سردية "الصعود" العرقية القصوى تتمثل في ثلاثية فيليب روث "المرعى الأمريكي" (1997)، و"تزوجت شيوعيا" (1998)، و"الوصمة البشرية" (2000) التي ترصد الكفاح اليهودي الأمريكي من أجل النجاح.
فئة بويل الثالثة من الروايات تتمثل في "إضفاء الصبغة الرومنتيكية على الانقسام" الذي يظهر في روايات تتناول الانفصال العرقي في أمريكا، بدءا من "كوخ العم توم" إلى "مغامرات هاكلبيري فين" (1884) وحتى"أبسالوم! أبسالوم"  و"محبوبة" (1987) لتوني موريسن وهي الرواية الوحيدة التي ألفها كاتب أفروأمريكي وتعد رواية أمريكية عظمى. محبوبة نموذج لطرح بويل الخاص بحوار الروايات مع بعضها البعض، وهو يشير إلى ما في الرواية من تنقيب عن "الحقيقة الرهيبة الدفينة" المتعلقة بالعبودية في سياق اشتباك الرواية مع أسلافها ومع العنصرية في أمريكا.
الفئة الرابعة والأخيرة تسلط الضوء على "الروايات الكبرى" التي تعرض كل منها جمعا من الشخصيات "المرتبطة بمهمة واحدة، أو تحد أو خطر واحد يحيق بالبلد في ظل حصار أو كارثة". ظهرت في لحظة مفصلية من التاريخ الأمريكي، "موبي ديك" (1851) لهرمان ملفيل ثلاثية الولايات المتحدة الأمريكية (1929-1938) لجون دوس باسوس، و"قوس قزح الجاذبية" (1973) لتوماس بينشن تمثل "أداءات مذهلة" إذ تتخيل "مجتمعات غير ممكنة" يمكن تصوير الأمة من خلالها، ورصدها، والثناء عليها، والقلق عليها. هذه السرديات الممتدة تتخيل ما يمكن أن تصير إليه الأمة بينما تصوِّر شيئا آخر.
هذه الدراسة المثيرة للإعجاب، ينال منها أسلوبها الذي يتسم بالتحولات المفاجئة حتى في الصفحة الواحدة. كما أن هناك جملا طويلة للغاية تخاطر بفقدان النقطة الأساسية بتكديس الكثير من المعلومات في متاهة من العبارات الفرعية. غير أنه لا شك في أن بويل يمتلك معرفة هائلة، والتزاما بموضوعه وفهما للأدب الأمريكي والثقافة الأمريكية بصفة عامة. فمهما يكن النص الذي يناقشه، يكشف تحليله عن مهارات نقدية وحب عميق للأدب. وهو لا يكف عن تبيان ما في هذه الروايات مما يجعلها ذات أهمية جمالية وموضوعية. وبرغم أنه مما يتعارض مع هدف الدراسة أن يشار إلى عمل واحد بوصفه الرواية الأمريكية العظمى، فمن الواضح أن "موبي ديك" هي المرشح الأرجح الذي "لا يحتاج إلى دفاع". واستكشاف بويل لجينات الرواية الأمريكية العظمة يكشف لنا عن أن أفضل الروايات الأمريكية تشترك في بعض الخامة الجينية.
دراسة مثيرة، وممتعة، وشاقة، وتكشف عن أهمية الأدب في تكوين إحساس الأمة بذاتها.

سارة جراهام محاضرة في الأدب الأمريكي بجامعة ليشستر.
نشرت الترجمة صباح اليوم في جريدة عمان