الجمعة، 11 يوليو 2014

هل تتحول أمريكا إلى الملكية؟

هيلاري كلينتن في حوار لدير شبيجل..
هل تتحول أمريكا إلى الملكية؟

حوار: مارك هوجير و هولجر ستارك





ـ معالي الوزيرة، منذ ثلاثة عقود وأنت في السياسة. أثناءها ازداد السخط على السياسة زيادة ملموسة. هل تعتقدين أن التوقعات باتت غير واقعية؟
ـ هذا سؤال يشغلني كثيرا، لأننا نلقي ثقلا كبيرا للغاية على شخص واحد في نظامنا السياسي. في بلدنا لا يوجد رئيس للدولة ورئيس للحكومة. بل شخص واحد، هو الرئيس. وعلى هذا الشخص أن يلعب دور رمز الدولة إضافة إلى تسيير الحكومة. وذلك صعب على أي شخص. أشعر أننا نمر حاليا بفترة من تاريخنا يشعر فيها الناس بالإحباط من النظام السياسي، أو باليأس منه، أو بالرغبة في السطو عليه بمنظور ما أيديولوجي. ولذلك فنحن بحاجة لا إلى شخص واحد بل إلى نوع من التوافق على الزعامة والمواطنة للتعامل مع هذا الأمر.

ـ المجتمع الأمريكي مستقطب بصورة لا مثيل لها من قبل. وقد كتب الاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي كتابه الرائج "رأس المال في القرن الحادي والعشرين" الذي يثير حاليا الكثير من الجلبة. هل سنحت لك فرصة لقراءته؟
ـ لم أقرأه بعد. قرأت مقالات طويلة للغاية عنه وأعرف النقطة الأساسية التي يقوم عليها. أعتقد أنه يقيم حجة شديدة القوة على أن لدينا اقتصادا يفتقر إلى التوازن فيحابي رأس المال أشد المحاباة على حساب قوة العمل. وأنا أوافقه على هذا، على أن العمالة لدينا منتقصة التقدير. وهو يتكلم عن أوربا، ولكن ما يقوله ينطبق على الولايات المتحدة.

ـ يذهب بيكيتي إلى أن الفجوة المتزايدة بين الأثرياء والفقراء تهدد الديمقراطية.
ـ  وأنا أوافقه على هذا بشدة. لقد مررنا بتلك التجربة الهائلة المسماة بأمريكا، فكان لدينا تنوع كبير للغاية في السكان وما كان لنا أن نحافظ على تماسكه إلا لأن لدينا ديمقراطية استطاعت ببطء وبمرور الوقت أن تحتوي الجميع. وحتى في فترة الكساد الكبير كان الناس في الشوارع مؤمنين أنهم قادرون على تجاوزه والعبور منه وهم أفضل حالا. والثروة اليوم أكبر نسبيا، ولكن التفاوت يجعل الناس يشعرون أنهم في مأزق. وما عادوا مؤمنين بأن الأمور إلى تحسن، مهما اجتهدوا وجدُّوا في العمل. فقد الناس الثقة في بعضهم البعض وفي النظام السياسي وأعتقد أن في هذا تهديدا كبيرا للديمقراطية.

ـ متوسط الدخل السنوي للأسرة الأمريكية يبلغ 43180 دولار. وأنت تكسبين نحو مائتي ألف دولار في محاضرة تستمر لساعة من الزمن. هل تتفهمين أن يثير هذا ضيق الناس؟
ـ مؤكد، يمكنني أن أتفهم هذا، ولكن ذلك لم يكن مطلقا صلب الهم الأمريكي، فقد كان لدينا طول الوقت من هم أنجح ممن عداهم. هذا ببساطة مقبول. المشكلة أن الناس في القاع وفي الطبقة الوسطى ما عادوا مؤمنين أن لهم فرصة في أن يحققوا النجاح. والسؤال هو: كيف نرجع إلى أن يكون لدينا اقتصاد ناجح للجميع ويبث من جديد الأمل في الناس في أنهم سوف يحققون النجاح بدورهم.

ـ بحسب وصفك للولايات المتحدة، لا بد أن تكوني الآن في موضع الإعجاب بسبب ما أنت فيه من رخاء.
ـ حسن، أعتقد أنك إذا رجعت لثمانية شهور أو عشرة مضت لرأيت أن الناس يتصيَّدون كل شيء ذي علاقة بي، وأنا أقبل هذا. أعني أن هذا هو معنى أن تكون في المجال العام، بوصفك مرشحا محتملا، برغم أنني لم أتخذ القرار بعد.

ـ وصفت مؤخرا وضعك المالي أثناء رئاسة زوجك بيل كلينتن بأنك كنت مفلسة تمام.
ـ حسن، عندما خرجنا من البيت الأبيض، كنا مدينين بشدة بسبب جميع الفواتير القانونية الناجمة عن المقاضاة الكثيرة لزوجي ولي، وكان عليه أن يعمل بأقصى طاقته لتسديد كل قرش من تلك الديون، وفعل هذا.

ـ واليوم، أنتما مليونيران كبيران. ربح زوجك 104 مليون دولار من محاضراته في الفترة منذ 2001.
ـ ونحن ممتنون للغاية لوضعنا الحالي. ولكنك لو رجعت بالزمن ونظرت إلى كم المال الذي كنا مدينين به، لرأيت أننا لم نكن نستطيع حتى أن نحصل على رهن عقاري لبيت نعيش فيه. وفي ظل نظامنا كان علينا أن نحقق ضعف ما نحتاج إليه لمجرد أن نسدد ديننا، ثم لكي نموِّل شراء منزل، ولنستمر في دفع مصاريف تعليم ابنتنا.
 
ـ هل تعتقدين أنه نظام جيد ذلك الذي يرغمك على اتخاذ مخاطرات مالية وشخصية جسيمة من أجل فرصة أن تكوني مرشحة رئاسية؟
ـ حسن لا أعتقد أن الأمر كذلك بالنسبة لي اليوم. الذين يترشحون للرئاسة أو لتولي المناصب العامة مهما تكن، يتعرضون لنطاق واسع ومكتمل من الهجمات. وإذا أردت اليوم أن تنخرط في السياسة في بلدنا، فعليك أن تبقي عينيك مفتوحتين على اتساعهما وتركز على الثمن الذي قد يكون لزاما عليك وعلى أسرتك دفعه، ولذلك عليك أن تكون واثقا جدا جدا لا من أنك تريد الوظيفة، بل من أنك تعرف ما الذي تريد أن تفعله بالوظيفة. وانظر إلى الرؤساء الحاليين: زوجي وجورج دبليو بوش وباراك أوباما. إنها وظيفة مجهدة ضاغطة للغاية. تضيف إلى عمر الشخص أعمارا، ويحتاج أداء تلك الوظيفة إلى جلد ثخين إلى أقصى حد.

ـ تبدو هذه أقرب إلى مرافعة حادة من أجل تقاعدك.
ـ (تضحك) حسن، لم أتخذ القرار بعد.

ـ لو قررت الترشح للرئاسة في 2016، فقد يكون منافسك هو جيب بوش، وقد يكون ثالث أبناء عائلة بوش في البيت الأبيض. حتى والدته باربرا بوش أعلنت أنها لا ترى تلك فكرة جيدة. هل توافقينها الرأي؟
ـ أعتقد أن الطرح الذي كانت تحاول تقديمه مفهوم، لكنني أعتقد أيضا أن بوسع أي شخص في ظل نظامنا الديمقراطي أن يترشح لأي سبب مهما يكن. وقد يكون لاسم عائلته نصيب في ذلك. وقد يكون للون عينيه نصيب في ذلك. وأرجو أن يكون لسياساته نصيب في ذلك أيضا.

ـ أغلب الناس سعداء بأن حقبة بوش انتهت. أي رسالة ينطوي عليها ذلك؟
ـ حسن، سيكون هناك من الوقت ما يكفي للحديث في الأمر في حال ترشح شخص من تلك العائلة في الانتخابات، أما أنا فلن أتكلم فيه الآن.

ـ على مدار السنوات الخمسة والعشرين الماضية كانت هناك أسرتان شديدتا الأهمية في السياسة، أسرتك وأسرة بوش. أولا، جورج بوش كان رئيسا لأربعة أعوام، ثم قاد زوجك أمريكا ثمانية أعوام، ثم جورج دبليو بوش كان رئيسا لثمانية أعوام. ولو فاز أحد منكما أنت أو جيب بوش بالانتخابات القادمة في 2016، فسيكون فرد من إحدى الأسرتين رئيسا لمرة أخرى. هل تتحول الديمقراطية الأمريكية إلى ملكية؟
ـ كان لدينا رئيسان من أسرة روزفلت. واثنان من أسرة آدمز. ربما الأمر أن في بعض الأسر إحساسا بالالتزام أو حتى بالميل الفطري إلى الانخراط في السياسة. ولقد ترشحت للرئاسة كما لعلك تتذكر. وخسرت أمام شخص اسمه باراك أوباما، لذلك لا أعتقد أن ثمة أي ضمانات في السياسة الأمريكية. فاسم عائلتي لم يساعدني في شيء في نهاية المطاف. لأن نظامنا مفتوح أمام الجميع. وهو ليس ملكيا فأقوم من نومي لأتنازل عن الحكم لابني.

ـ هل تحبين أن تري ابنتك منخرطة في السياسة؟
ـ هذا فعلا يرجع إليها، وسوف أدعمها في أي شيء تختاره.
مع كلينتن سنة 1969

ـ نريد أن نذكر بضعة أسماء ونرى أول فكرة تخطر لك عن كل منها. نيمار البرازيلي؟
ـ أوه، حسن، هل هذا هو الذي تعرض للإصابة؟ أمر مؤسف أنه سيكون مستبعدا عند مقابلة البرازيل لألمانيا. لقد شاهدت بعض الإعادات لأعرف ما الذي حدث بالضبط. وهي إصابة خطيرة. أرجو أن يعود في كامل لياقته، فهو لاعب عظيم.

ـ يورجن كينسمان، المدرب الوطني الأمريكي.
ـ أعتقد أنه اتخذ بعض القرارات العنيفة في ما يتعلق بتشكيل اللاعبين في الملعب. لكنني أعتقد أنه أثبت نفسه كمدرب جيد جدا، وإدارته أخرجت من اللاعبين أفضل ما فيهم، وأعتقد أنه في نهاية المطاف نجح في أن يشيع كرة القدم في الولايات المتحدة. وهذا أمر أحسبه له طبعا.

ـ إدوارد سنودن.
ـ حسن، أعتقد أنه أساء توصيل الرسالة التي حاول توصيلها. لقد جاء إلى وكالة الأمن الوطني بغرض ظاهري هو محاولة جمع الكثير من المعلومات ومعظم ما جمعه لم يكن له علاقة بالتنصت في الولايات المتحدة، بل في العالم في الغالب. وأعتقد أنه كان يقدر أن يثير النقاش في بلدنا بدون أن يسرق وينشر موادا كانت ملكا للحكومة وكانت لها تبعاتها. ثم إن ذهابه أول الأمر إلى الصين ثم إلى روسيا يثير كثيرا من الأسئلة، وسيكون عليه أن يختار. فلو رجع إلى الولايات المتحدة، من المؤكد أنه سوف يمثل أمام القضاء، لكن ستتاح له فرصة عرض قضيته سواء بالطريقة القانونية أو على الرأي العام.

ـ كنا في واقع الأمر نريد أن نتكلم عن كتابك لا عن وكالة الأمن الوطني، لكن منذ أن عرف الجمعة الماضية أن أحد ضباط المخابرات الألمانية اعتقل واعترف أنه كان يعمل جاسوسا لحساب المخابرات الأمريكية، فقد اكتسبت قضية وكالة الأمن الوطني بعدا جديدا. في ظل المناخ السياسي المتوتر، هل تعتقدين أنه ينبغي للسي آي آيه فعلا أن تستقر على فكرة اختراق المخابرات الألمانية؟
ـ حسن، أعرف أن حكومتكم تجري تحقيقا جنائيا، وسوف نعرف المزيد مع تطور الحقائق. ولا أعرف شيئا أكثر مما قرأته. لكن من الواضح، أن علينا أن نحسن العمل معا، أعني ألمانيا والولايات المتحدة، لنعرف الخطوط الملائمة للتعاون في مجالي المخابرات والأمن. وأعتقد أن التعاون ضرورة لأمننا، ولا نريد أن نقوضه بإثارة الشكوك المرة بعد الأخرى. من المؤكد أن التنصت على هاتف المستشارة ميركل كان خطأ. والرئيس قال ذلك. أعتقد أنه قال بوضوح تام إن ذلك تصرف غير مقبول. لكن أين الحدود الموضوعة من كلا الجانبين؟ هذا ما ينبغي أن نعمل عليه.

ـ هل تعتقدين أن تجنيد عنصر داخل وكالة المخابرات الأمريكية ينبغي أن يكون محرَّما على وكالات المخابرات الأمريكية؟
ـ لا أريد أن أجيب جوابا عاما. لكن هناك الكثير مما يجري في دوائر المخابرات. ولو أننا قلنا لا، ومهما تكن الظروف، وإنكم لا ينبغي أن تفعلوا هذا معنا، وإننا لاينبغي أن نفعل هذا معكم، فماذا إذا جدَّت ظروف فصار من اللازم أن يفعل أحدنا هذا في الآخر؟ الولايات المتحدة لم تستطع قط أن تدخل في اتفاقية بعدم التجسس مع أي بلد، لا بلدكم ولا بريطانيا ولا كندا. لكن هذا لا يعني أن دوائر المخابرات والأمن في بلدينا لا ينبغي أن تطوِّر فكرة أوضح عما هو لائق، وعما لا ينبغي اللجوء إليه.

ـ هل تعتقدين أن أنجيلا ميركل تستحق اعتذارا؟
ـ حسن، بحسب ما أفهم، فقد تكلم الرئيس معها مرات عديدة.

ـ نعم، ولكن بدون اعتذار علني.
ـ لست في الحكومة الآن ولكن، أنا آسفة.

عن دير شبيجل في 8 يوليو 2014. والترجمة نشرت اليوم في جريدة عمان


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق