تناقض النسوية الأمريكية في العالم الإسلامي
ميجان كيه ستاك
في أواخر صيف عام 2001، غادرت فتاة تدعى جيجي، في
الرابعة عشر من عمرها، بيتها في القاهرة، بصحبة أبيها إبراهيم وأختها، ليبدأوا
حياة جديدة في الولايات المتحدة، مستقرين مع قريب لهم في (أناهيم) بكاليفورنيا.
التحقت الفتاة بمدرسة كاثوليكية قريبة. كانت في أسبوعها الثاني بالمدرسة حينما
قامت جماعة مختطفي طائرات أغلب أفرادها من السعوديين بتنفيذ هجمات الحادي عشر من
سبتمبر مثيرين نوبة وطنية من الحزن والرغبة في الثأر ستسم بداية حياة جيجي مراهقةً
في الولايات المتحدة.
في اليوم التالي لسقوط البرجين، اقتحمت عناصر متجهمة
الوجوه من المباحث الفيدرالية منزل إبراهيم وسط فزع العائلة. كان فيضان من
المكالمات قد انهال على الخطوط الهاتفية الساخنة في ذلك الأسبوع من أمريكيين
محترقي الأعصاب يبلغون عن إرهابيين. وضمن المتصلين المتوترين كان جيران للأسرة، إذ
تخوفوا ـ حسبما أوضحت العناصر الفيدرالية ـ من اصطفاف سيارة مستأجرة حديثا أمام
بيتهم، ومن كون عم لإبراهيم في بعض الأحيان يسير في الحي جيئة وذهابا في وقت متأخر
من الليل (ويقابل الصباح في القاهرة) مجريا مكالمات هاتفية زاعقة بالعربية.
في المدرسة، طولبت جيجي ـ وهي المسلمة الوحيدة في صفها
الدراسي ـ بتقديم عرض أمام المدرسة كلها تشرح من خلاله الإسلام. قالت "قبل
ذلك كنت مصرية وحسب، ثم أصبحت البنت المسلمة المصرية. في حين أن أسرتي ليست شديدة
التدين أصلا. إذ ذاك أدركت: سوف تكون حياتي مختلفة بسبب ما أنا إياه".
ازدادت التوترات، إذ بدأ الساسة يناقشون الحرب القادمة
في أفغانستان بوصفها حملة قويمة لمنع مسلمين ذوي عقليات من القرون الوسطى من قهر
ملايين النساء. فلم تكن الحرب على طالبان محض عقاب، بل لقد كُلِّل الغزو بتاج
التحرير. قالت جيجي إبراهيم إن "الخطاب جرى على النحو التالي: ’هؤلاء
المسلمون يضربون النساء ويقتلونهن. ونحن الذين سنحررهن، وننزع عنهن البراقع، وننزع
عنهن الحجاب’. وهكذا كانت بداية الخطاب المناهض للحجاب".
وكانت المفارقة في نظر جيجي إبراهيم هي أن تلك الخطب
والعناوين القائلة بإنقاذ نساء المسلمين في أفغانستان كانت تغذي الشكوك والإهانات
التي صار عليها أن تحتملها بوصفها مراهقة مسلمة أمريكية.
***
أعترف أنني دائما ما كنت أستاء من حديث الأمريكيين عن
حقوق النساء في أفغانستان وأراه ـ حتى مع توافر حسن النية ـ تقريظا للذات، وبخاصة
في سياق غزو عسكري. لكن كل الجهود التي بذلت والنقود التي أنفقت في ما بعد 11/9
أدت إلى توسيع جيلي لإمكانيات الفتيات والنساء الأفغانيات. فتحت مدارس البنات
للتلميذات المتلهفات. وصدر قانون شامل لتجريم العنف ضد النساء. وأتاحت شبكة ملاجئ
للنساء الهرب من معذبيهن في البيوت، برغم اعتراضات المحافظين المتدينين الذين
اعتبروا تلك الملاجئ بيوت دعارة وحاولوا إخضاعها لسيطرة الحكومة.
قالت هيذر بار من منظمة هيومن رايتس ووتش التي عملت في
أفغانستان منذ 2007 وعاشت ست سنين هناك إن "المكتسبات التي تحققت جادة ومهمة.
ربما اكتسحت جميعها الآن، لكن قبل شهرين فقط كان يمكنني أن أقول لك إن نساء
أفغانستان حققن تقدما ملموسا".
انتقدت بار أوجه قصور الولايات المتحدة لكنها قالت إن
الصورة معقدة. فالولايات المتحدة، حسبما قالت، أنفقت بسخاء على حقوق النساء، لكن
الدبلوماسيين عزفوا عن تخصيص رأسمال سياسي لمهمة صعبة هي الضغط على الرجال في
الحكومة الأفغانية لدعم تقدم المرأة. وقالت إن أفعال أولئك الحلفاء الجدد كانت في
كثير من الأحيان تحظى بالتكتم. "فبإحدى اليدين تصدر شيكا سخيا وضخما، وباليد
الأخرى تصافح أيدي مجرمي حرب تتضمن جرائمهم العنف ضد النساء".
ومع ذلك شق جيل من الفتيات الطريق عبر الدراسة، فيما
وجدت النساء وظائف كانت من قبل مقصورة على الرجال، وانتشر ـ بصورة ضئيلة وغير
متوازنة لكنها أكيدة ولا تنكر ـ إحساس بالإمكانية. والسؤال الآن، في ضوء انتزاع
تلك الفرصة انتزاعا مباغتا، هو: هل كان في ذلك شكل من أشكال القسوة؟
"هل كنا نؤمن بهذا؟ نعم كنا نؤمن به" كذلك
قالت حسنى جليل أول امرأة تعين في موقع رفيع بوزارة الداخلية الأفغانية مضيفة
"إنني أومن أن وجودي في الحكومة الأفغانية كان إلى حد كبير بسبب وجود المجتمع
الدولي. وإلا لركلوني خارجا منذ اليوم التالي".
قالت "إنه ليخجلني القول بأن المجتمع الدولي هو
الذي أرغم حكومتي على القبول بي. لكن، نعم، لقد أحدثوا فارقا".
كانت حسنى جليل في التاسعة من العمر حينما غزت الولايات
المتحدة أفغانستان. أدركت والدتها ـ الطبيبة ـ بسرعة أن الإطاحة بطالبان قد تعني
إمكانية إلحاق ابنتها بمدرسة. وحتى ذلك الحين كانت حسنى تتلقى تعليما سريا بإشراف
جار متعلم، وكانت مدرَّبة على إخفاء كتبها في الشوارع وعلى الكذب إذا ما صادفت
عضوا في طالبان. وكان لها معلم خاص آخر ـ يدرِّس لها الإنجليزية ـ اعتقل في
النهاية بسبب علاقاته بطالبان، إذ تبيَّن أن قبو البيت الذي كانت تقام فيه الدروس
هو مخزن أسلحة. لم يزل يصعب على حسنى أن تصدق ذلك، فقد كان معلمها، وكان عطوفا
عليها.
بعدما كانت نجمة بازغة في حكومة تبدو ـ في ضوء انهيارها
السريع ـ وكأنها لم تكن أكثر من ديكور مسرحي، تعيش حسنى جليل الآن في واشنطن،
تتابع أفغانستان من بعيد، وتقيِّم في مرارة مسلك الجميع. شاهدت الطالبان وهم
يستقرون في السلطة، ويضربون المتظاهرات، ويبيدون وزارة شؤون المرأة، ويستأنفون
الدراسة الثانوية للأولاد دون البنات. قالت حسنى جليل إنها تتألم لا بسبب النساء
الأفغانيات وحدهن بل وبسبب الرجال الذين ناصروهن في كفاحهن. "كان يمكن أن
أكبر مرتدية البرقع، متبعة نمط الحياة السائد في ظل نظام الطالبان، فما كان
لينتظرني أي مستقبل، وأنت حينما تمنح شخصا قطعة حلوى ثم تنتزعها منه، يكون هذا
شديد الإيلام. وكل أولئك الصغيرات، بالملايين، قد انتزع من أيديهن ما كان فيها،
وهذا شديد الإيلام".
قال الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في 2001 إن
"الهدف الأساسي للإرهابيين هو القمع الغاشم للنساء". ورددت قرينته
السيدة الأولى لورا بوش الكلمات نفسها في تلك السنة في خطاب إذاعي حماسي أشارت فيه
إلى تهديد الطالبان باقتلاع أظافر من يطلين الأظافر من النساء.
لكن ليس بوسع بوش الزعم بأنه خاض الحرب بالنيابة عن
المقهورات، حسبما قالت لي ساره ليه ويتسن المديرة التنفيذية لجماعة
"الديمقراطية من أجل العالم العربي الآن" الحقوقية. قالت ويتسن إن
الولايات المتحدت بينت بوضوح عزمها على "المحاربة من أجل حقوق النساء حيثما
يكون لنا أعداء، مع الصمت إزاء حقوق النساء حيثما يكون لنا أصدقاء".
برغم كل الحديث عن النساء الأفغانيات، لم يكن لدى بوش
إلا قدر أقل كثيرا من الكلام عن النساء في السعودية، وهي البلد الذي ينافس
أفغانستان في كل من المسؤولية عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر وفي قمع النساء. فلقد
كانت المملكة وطن أسامة بن لادن وخمسة عشر من مختطفي الطائرات التسعة عشر. كما
كانت المساجد التي أسستها السعودية في طول العالم وعرضه متهمة منذ زمن بعيد بنشر
الأيديولوجيات المتطرفة. ولقد بذل المسؤولون السعوديون جهدا جهيدا لإنكار أي تورط
في 11/9 وأدانوا بن لادن وأرغموه على المنفى، ولكن وثائق أمريكية مسربة أو منتهية
السرية أثارت الشكوك حول صلات تمويلية ولوجيستية بين القاعدة ومختطفي الطائرات،
وأشخاص في الحكومة السعودية أو قريبين منها.
في الوقت نفسه كانت نساء السعودية يفتقرن إلى الرعاية
والمساواة في الإرث والحقوق وليس لهن حق التصويت أو قيادة السيارات. وكان الأوصياء
الذكور هم الذين يحددون إن كان بوسعهن أن يدرسن بالخارج، أو يعملن، أو يسافرن، أو
حتى يتركت البيت. وكان للرجال حق فعلي
بضرب واغتصاب زوجاتهم وأن يرفعوا دعاوى "العصيان" ضد نساء الأسرة.
لجين الهذلول كانت من الناشطات اللاتي كافحن بلا كلل من
أجل حرية النساء. في 2018 أعيدت الهذلول ـ المعتقلة بالفعل في الإمارات العربية
المتحدة ـ قسرا إلى السعودية، ومنعت من السفر، وكانت ضمن دزينة من أبرز مناصري
حقوق النساء في المملكة الذين تعرضوا للسجن.
في الشهر التالي، منح ولي العهد الشاب محمد بن سلمان
للنساء حق قيادة السيارات. وكان الإعلان عن ذلك بمثابة انقلاب دعائي لمحمد بن
سلمان إذ أثار كتابات متوهجة حول العالم. ولكن الاعتقالات جعلت الأمر يبدو عملا
مزدوجا تهكميا: استعرض بالسماح للنساء بقيادة السيارات، ثم اسجن النساء اللاتي
طالبن بهذا الإصلاح.
طالما حمى الرؤساء الأمريكيون السعودية ودعموها، حرصا
على توطيد التعاون العسكري السعودي وحفاظا على إتاحة النفط، ولكن دونالد ترامب كان
على غير المعتاد مفرطا ومتساهلا. فقد قال ترامب عن بن سلمان في 2019 إنه
"صديق لي، رجل قدم أفعالا حقيقية. وبخاصة ما فعلته للنساء ... إنه أشبه بثورة
بالمعنى شديد الإيجابية".
في العام نفسه، وبحسب مصادر في عائلة الهذلول، خيرت
الحكومة السعودية لجين الهذلول. بوسعها أن تنال حريتها، بشرط أن تظهر في فيديو
تقول فيه إنها لم تتعرض للتعذيب. ورفضت الهذلول. قالت عائلتها إنها تعرضت لتحرش
جنسي، وتعذيب، وحبس انفرادي. (تنفي الحكومة السعودية كل مزاعم التعذيب وتفند ما
تقوله عائلة الهذلول عن العرض بالإفراج عنها).
تعتقد لينا الهذلول، شقيقة لجين، أن إدارة ترامب تتحمل
مسؤولية اعتقال أختها. كان بوسع ضغوط من الولايات المتحدة أن تحد من حملات بن
سلمان، لكنه لم يلق ـ حسبما قالت ـ سوى التدليل. "منحوه سلطة مطلقة. كان
بوسعه أن يفعل أي شيء، ومن تلك الأشياء سجن لجين".
بعيد انتخاب جو بايدن، حكم على لجين الهذول بالسجن لخمس
سنوات وثمانية أشهر بموجب قانون لمكافحة الإرهاب. ثم أطلق سراحها بعد تنصيب بايدن
مع قيود منها المنع من السفر والحديث إلى الصحفيين. وترجو الأسرة حاليا أن تضغط
الولايات المتحدة على السعودية لإلغاء التهم. وترى لينا الهذلول أن إدارة بايدن
ملزمة أخلاقيا بالتدخل.
قالت إن "هناك فرقا بين التزام [الولايات المتحدة]
الصمت وأن تكون هي السبب في أن هذا الوضع ممكن. فإعطاء الولايات المتحدة الضوء
الأخضر هو السبب فعلا في أن كل شيء مرعب، وفي أن الجميع مخرَسون، وفي أنه لا يجرؤ
أحد على التفوه بأي شيء، وفي أن الجميع يعيشون في خوف".
***
كتبت مرة مقالة صحفية عن الحجاب. والآن أشعر بالأسف أني
فعلت هذا. كان ذلك في عام 2005، وكنت مقيمة في القاهرة. مضيت في المدينة أسأل
النساء لماذا بدأن ارتداء الحجاب أو لماذا خلعنه. تكلمت مع الزبائن في متجر أنيق
للحجاب ومع نسويات علمانيات، وزرت غرفة المعيشة في بيت قاض عاش مهددا بالقتل من
الإسلاميين لقوله إن الإسلام لا يفرض على النساء ارتداء الحجاب. ثم كتبت مادة
طويلة أوضحت فيها جذور الحجاب في الدين والثقافة، وكيف أنه أصبح رمزا سياسيا،
ولماذا ترغب الناس في أو عن ارتدائه.
وفي السنين التالية لكتابة المقال فكرت فيه بغير ارتياح
إليه، وأمكنني أن أضع يدي على سبب انزعاجي. ليس في النص نفسه ما قد أغيره الآن.
لكنني حينما أتذكر مزاج القراء، أشعر بشيء غير لائق في التناول.
كان كثير من الأمريكيين يعتقدون آنذاك أنهم في حرب مع
الإسلام. والإسلام من أديان العالم العظيمة، بنصوصه المركبة، وأجياله من العلماء،
وتأويلاته المختلفة، لكنه اختزل في فكرتين اثنتين في الخيال الأمريكي هما الجهاد
وقمع المرأة. يبدو لي ذلك المقال الذي كلفت بكتابته رمزا للحظة شعر فيها الصحفيون
في الغرب بحرية إبداء الرأي في أعماق الإسلام، محاولين إضفاء الإثارة على كتاباتهم
باستعمال كلمة "الله" بدلا من كلمة "الإله" وهم يكتبون عن
المسلمين. لقد قرئت تلك المقالة في زمن كان الأمريكيون فيه يتحلقون ليتناقشوا في
مدى سوء المسلمين.
الآن أتساءل عما لو كان أفضل فهم لتناولي ذلك للحجاب هو
باعتباره استمرارا غافلا لتراث الاستعماريين الغربيين الذين أدانوا حجاب النساء
وهم يغزون الأراضي الأجنبية وينهبونها. فعل الفرنسيون هذا في الجزائر، وفعله
البريطانيون في مصر. ثم واصلت الولايات المتحدة التراث في أفغانستان. كانت الأخبار
التليفزيونية تمتلئ بالتلاعبات والتكهنات الرهيبة، وبأناس ينذرون بسيناريوهات
انهيار العالم وهم يتكلمون عن الجهاد والشريعة غير واعين بتلك المفاهيم إلا وعيا
باهتا. والنساء، فجأة امتلأت النساء خوفا على النساء، ولكن على نساء معينات.
أعتقد أننا جميعا نعرف هذا، حتى لو أنها معرفة أولية،
نعرف أن الإعلان عن قيود نساء أفغانستان لم يكن مفيدا فقط لأننا أردنا أن نخوض
الحرب، ولكنه أتاح لنا أيضا أن نشعر بأننا مستنيرون ومتفوقون. كانت طريقة لإلقاء
بعض العار خارج أنفسنا. ففي الولايات المتحدة يُلبس الآباء بناتهم الثياب البيضاء،
ويلبسونهن خواتم الطهر [purity rings]، ويؤكدون حقهم على أغشية
بكارتهن. وينتظر من الأخ الكبير أن يفزع صاحب أخته في موعدهما معا ليعلن عن نفسه
بوصفه كلب حراسة سيكولوجيا عليها في غمرة تفتح وعيها الجنسي. ونحن لا نعترف بوجود
رابط، من أي نوع، بين هذه الممارسات وقوانين الوصاية والقتل للشرف التي نؤيقنها في
العالم برغم أنها ثمار متنوعة لشجرة واحدة هي الفكرة السائدة عالميا بأن جسد
المرأة ملك لرجال عائلتها، وأنها هي نفسها ثمينة تستوجب الحماية.
***
لم تضع دروس سنوات ما بعد الحادي عشر من سبتمبر على جيجي
ابراهيم، التي تنامى اهتمامها بالسياسة، ورجعت في عام 2008 إلى مصر حيث التحقت
بالجامعة الأمريكية في القاهرة. وباتت زعيمة في الثورة على حسني مبارك، وواحدة من
أشهر وجوه ميدان التحرير، تروج لمبادئ الاشتراكية الثورية وتستعمل حسابها في تويتر
للمساعدة في الإطاحة بالطاغية المصري المدعوم من الولايات المتحدة. باتت ضيفة
ثابتة على سي إن إن، ووصفتها جودي وودرف من بي بي إس بـ"رمز الانتفاضة".
وظهرت على غلاف مجلة تايم مع ناشطين شباب آخرين تحت كلمات "جيل يغير
العالم".
اليوم ماتت ثورة جيجي إبراهيم. فعبد الفتاح السيسي، رئيس
أركان الجيش السابق، يحكم حكم الطغاة. لعل المرة الأولى التي سمع فيها الأمريكيون
اسمه كانت في 2011 حينما أقر بأن الناشطات تعرضن "لكشوف عذرية" قسرية.
قال السيسي إن الكشوف ـ التي اعتبرتها جماعات حقوق الإنسان اعتداء جنسيا وتعذيبا ـ
كانت ضرورية، إذ كان على الجيش أن يدافع عن نفسه ضد الاتهام باغتصاب النساء في
الحبس. والاعتداء الجنسي أداة سيطرة سياسية قديمة في مصر: ففي ظل حكم مبارك، رأيت
عصابات من الرجال مبعوثين من الحكومة يتعدون جنسيا على النساء ويرهبونهن إن جرؤن
على الانضمام إلى المظاهرات المناهضة لحكمه.
ومثل مبارك، يستفيد السيسي من النقود والمعدات العسكرية
الأمريكية. في الوقت نفسه، تحبس حكومته عشرات آلاف البشر لأسباب سياسية، ويقول
مراقبو حقوق الإنسان إن ثمة نزعة ناشئة لاعتقال المزيد من النساء. فقد اعتقل ما لا
يقل عن عشرات النساء ـ كثير منهن من الشابات المؤثرات على مواقع التواصل الاجتماعي
ـ ووجهت إليهن تهم "انتهاك قيم العائلة" و"الفحش" إثر نشرهن
فيديوهات هزلية.
بوسع جيجي ابراهيم ـ حاملة جواز السفر الأمريكي ـ أن
تهرب. ولكنها تقول إنها فتحت ورشة لتصنيع الأحذية. قالت "أعرف الحياة في
الولايات المتحدة. ربما أكون هنا مواطنة من الدرجة الثانية لكوني امرأة، لكنني
هناك إرهابية من الدرجة الثانية".
نشر المقال في نيويوركر بتاريخ 7 أكتوبر 2021 ونشرت مقتطفات
من هذه الترجمة في جريدة عمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق