زواج الفنتازيا والعقل
حوار: ديبورا تريسمان
ـ قصتك المنشورة في عدد هذا الأسبوع من مجلة
نيويوركر، وهي قصة "دنيازاد"، تحكي قصة حب بين ابن رشد ودنيا الجنية
المتمثلة بالبشر. ابن رشد هو فيلسوف القرن الثاني عشر المولود في قرطبة ـ بأسبانيا
حاليا ـ والمعروف في الغرب باسم أفيروس Averroës.
ما الذي جذبك إلى تخيله في عمل قصصي؟
ـ أنا مفتون به دائما (شأني مع مكيافيلي
الذي أصبح من شخصيات روايتي "ساحرة فلورنسا" ـ وافتتاني بهما يأتي من
اهتمام أبي بهما إلى حد استلهامه اسم عائلتنا من اسمه، وكان أبي يبحث عن اسم عائلة
حديث مغاير للقالب التقليدي المكون من الاسم الأول واسم العائلة، وبسبب عقلانية
ابن رشد. كان أبي معجبا بابن رشد لمحاولته المصالحة بين العقل والدين، برغم أنه
على المستوى الشخصي لم يكن متدينا. وقد أورثني إعجابه.
ـ يعد ابن رشد من أوائل المفكرين العلمانيين
في أوربا الغربية. وهو في القصة، كما في الحياة، يرى نفسه معارضا للاهوتي الإسلامي
الغزالي الذي يحمل لقب "حجة الإسلام" والذي لا تزال أفكاره الإسلامية
المتشددة تنبعث بيننا. هل هذا هو الوقت المناسب لإعادة زيارة الرجلين وقطبي الفكر
اللذين يمثلانهما؟
ـ المعركة الفلسفية بين الغزالي وابن رشد
قائمة جزئيا على حقائق تاريخية، كما أنها جزئيا بطبيعة الحال نتاج خيالي، ولكن
المقابلة بين العقل والدين، لو جاز لي تبسيط الجدال، ذات أهمية عظيمة ولا شك لفهم
الصراعات الراهنة داخل الإسلام.
ـ لماذا اخترت أن توقع ابن رشد ـ الذي يقوم
فكره على أعمدة العقل والمنطق والعلم ـ في غرام كائن خرافي؟ ما الذي يجعل جنية
تنجذب إلى رجل قناعاته الأساسية تنكر وجودها؟
ـ المعركة الأخرى في القصة تجري بين عالم
الخيال (الأحلام، والفنتازيا) وعالم العقل والعلم، ووقوع الاثنين في الحب يبدو،
لنقل، جميلا. كنت أفكر أيضا في حفرية جويا "سبات العقل يولِّد الوحوش"
والتي ربطها بشرح نصه أن "الفنتازيا إذ ينبذها العقل تنتج وحوشا مستحيلة، وإذ
يتحد معها تكون أمًّا للفنون ومعينا للأعاجيب". في الحب القائم بين ابن رشد
ودنيا، تتحد الفنتازيا والعقل، وتتدفق القصة من هذه الواقعة.
ـ "دنيا زاد" مأخوذة من رواينك
القادمة "سنتان وثمانية أشهر وثمان
وعشرون ليلة" التي تتصور مستقبلا تعبر فيه جيوش الجان من أرضها إلى عالمنا
(لألف ليلة وليلة) فتنشر فيه الخراب. من أين واتتك الفكرة؟
ـ أردت أن أكتب "حكاية عجيبة"
حديثة مثل "حمزة نامة" أو "ألف ليلة وليلة"، فكان ذلك أحد
منطلقاتي. كما كنت أفكر في الكتابين اللذين كتبتهما لليافعين "هارون وبحر
القصص" و"لوقا ونار الحياة"، وفكرت في كتابة الرواية الجديدة بنفس
الروح لكن للراشدين. كما أن إنفاقي وقتا كبيرا وأنا أحاول تحري الصدق في كتابة
سيرتي "جوزيف أنطون"، أشعرني برغبة جارفة في الجنوح إلى الطرف الآخر من
الطيف الأدبي وتأليف شيء جامح في السريالية.
نشر الحوار في الأول من يونيو 2015 في نيويوركر ونشرت الترجمة في إبداع ـ 2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق