يُقْبِل الشجن غوريلا أرجوانية
شعر: ماثيو ديكمان
ولد الشاعر الأمريكي ماثيو ديكمان سنة 1975، هو الأخ التوأم
لشاعر مايكل ديكمان. نشأ في لينتس، في منطقة للطبقة الوسطى ببورتلاند في ولاية
أوريجون التي درس في جامعتها ثم حصل على درجة عليا في الكتابة الإبداعية من مركز
أوستن ميتشينير في تكساس.
في حوار مع بريان برودور لمدونة "كيف تحدث القصيدة: قال
ديكمان "إنني أومن بالإلهام. الإلهام وصنع المعنى. وهما في الغالب شريكان
متنافران". وفي تقديمه لمجموعة من قصائد ديكمان في بوسطن رفيو سنة 2007 لاحظ
الشاعر ميجور جاكسن أن ديكمان "يعرف شيئا عن حزن هذا العالم، وتطلُّبه نوعا
من خشونة الروح وحساسيتها ... إن كان للمرء أن ينجو في هذا العالم".
اختار الشاعر توني هوجلاند كتاب "قصيدة أمريكية
جدا" (2008) للحصول على الجائزة الأولى من مجلة "الشعر الأمريكي"،
كما فاز ذلك الكتاب بجائزة أوريجون للكتاب سنة 2009. حصل ديكمان كذلك على جائزة
اكتشاف كيت تافتس وجائزة ماري سارتن في الشعر من الأكاديمية الأمريكية للفتوت
والعلوم، وعمل شاعرا مقيما في أكثر من جامعة ومؤسسة ثقافية أمريكية.
ممارسة
الحب
أمر
غريب أن أجلس لأحاول الكتابة عن "البيوطيقا" لديّ وأنا أعرف أنها، مهما
تكن طبيعتها، دائمة التغير. أقصد من هذا أن أقول إنها لغز بالنسبة لي وربما هذا
اللغز جزء مما يدعوني إلى مواصلة الكتابة. إن إحساسي ليزداد أكثر فأكثر أنني أكتب
القصائد لأفهم نفسي فهما أفضل، والدنيا التي أعيش فيها، لأفهم السعادة والحزن، لأفهم الشخص الذي صاح بي صباح
اليوم في الأتوبيس، لأفهم رئيسي، وضعفي، والمرأة التي أحب. الآن يوجد على مكتبي
مقتطف مكتوب على علبة بيرة يقول نصه إن "القصائد ليست أنصابا". هذا ما
قاله الشاعر وليم ستافورد (أو قريب من هذا) وربما هو أقرب ما أتصوّره من
البيوطيقا. إنني أحب القصائد لأنها ليست بناءات ثابتة غير قابلة للحركة. القصيدة
مرنة، طيِّعة، هي ما يسميه برايتن برايتنباخ بـ "الغشاء، والمويجة، والغزْل،
الذي يذكّرنا بأن ما نتنفسه طول الوقت ليس إلا كائنات تترجم الفضاء من حولنا،
وتترجمنا نحن طول الوقت إلى الفضاءات المعروفة التي ترسم الحدود حول
المجهول". هذه المغامرة إلى المجهول هي أكثر ما يعجبني. الرجوع إلى الذاكرة
أو التقدم إلى يوم العمل والعثور هناك أو هنا على الإنساني، العثور على شيء لم أكن
أعرفه أو أشعر به حتى قرأته أو كتبته في قصيدة. لا شيء يردني إلى الأرض، أو يلقي
بي في الفضاء، أو يذكّرني بهذه التجربة الاستثنائية، تجربة أن أكون إنسانا، مثل
قصيدة. وهناك شعراء، بالنسبة لي، يفعلون هذا طول الوقت. ولو أنني كنت معدا شريطا
منتخبا لحياتي اليومية فشعراء هذا الشريط سوف يكونون دوريان لوكس، جو ميلر، ماري
هاو، توني هوجلاند، كارل آدمشيك، مايكل مكجريف، أخي مايكل ديكمان، آن سكستن، ديان
واكوسكي، ميجور جاكسن، ماثيو ليبمان، جيرالد ستيرن، رامبو، نورمان دوبي ... وكثير
جدا. وأكثر وأكثر بكثير. هناك شعراء تمتد يدي إلى كتبهم عندما تمطر، وآخرون أجلس
معهم إلى أريكة في الحديقة والشمس ساطعة عبر الشجر. وكلهم مؤثرون لا في كتابتي
وحدها بل في الشخص الذي أنا إياه. أكون أكثر ارتياحا للأشياء حينما أقرأ لباربارا
راس، ولا أشعر أنني وحيد تماما حينما أقرأ قصيدة لفرانز رايت. وإنني الآن أشرب الشاي بنكهة الخوخ، وأنا أستمع إلى الفازلينز، وأفكر في برايتنباخ من جديد. لقد كتب أن الشعر
"فعل حب" وهو كذلك. فقراءة الشعر، وكتابة الشعر، مهما تكن ندرة ذلك، جزء
من حركة الحب. وهذه الحركة، هذه الفرقة المتحركة، هي التي أتأثر بها، وأتعلم منها،
وأشعر أن الحظ أسعدني بأن أكون جزءا منها.
تعب
مارلين مونرو تناولت كل أقراصها المنومة
وهي في السادسة والثلاثين،
وابنة مارلون براندو
شنقت نفسها في غرفة النوم التاهيتية
بمنزل أمها،
بينما أطلق ستانلي آدمز رصاصة على رأسه.
ويحدث أن تنظر أحيانا إلى السحاب والشجر
فلا ترى أنها تشبه في شيء
السحاب أو الشجر أو السماء أو الأرض.
الفنانة الاستعراضية كيثي تشينج
أشعلت النار في نفسها
بينما أخرَجَ أبناء بينج كروسبي أنفسهم
من عالم الموسيقى إلى الأبد
بالرصاص.
الفيلسوف الفرنسي جيل ديلوز
قفز من شباك شقته
خارجا إلى العالم
ومن العالم.
بيج إنتويستل
الممثلة التي لم تعلب أيَّ دور مهم
قفزت من على الحرف الأول
في لافتة هوليود
وقت أن كان كل شيء بالأبيض والأسود
وديفيد سيلزنيك كان الملك
قرابة 1932.
إرنست همنجواي
وضع البندقية على رأسه
في كيتشَم بإيداهو
في حين تسلقت حفيدته، الممثلة وعارضة الأزياء،
شجرةَ العائلة
وتناولت جرعة زائدة من البنبارتين.
أخي فتح ثلاثة عشر ملصق
ولصها على جسمه إلى أن لم يعد جسمَه إلى الأبد.
يروق لي صوت حومان الإوز
فوق النهر.
وأحب صابون حمامات الفنادق الصغير
لأنه يكون جميلا.
سارة كين شنقت نفسها
وهارولد بينتر كان يأتيها بالورد في حياتها
ولويز لينج، الأناركي الألماني،
أشعل إصبع ديناميت في فمه
ثم لم يمت مع ذلك إلا بعد ست ساعات، سنة 1887.
لودفيج الثاني، ملك بافاريا
أغرق نفسه
وكذلك فعل هارت كرين، وجون بيريمان، وفرجينيا وولف.
وأنت على سفر، عليك دائما أن تصطحب كتابا
لتقرأه،
خصوصا في القطارات.
أندرو مارتينيز، الناشط العاري،
مات في السجن
عاريا
وحول رأسه كيس
بينما حدث في عام 1815
أن أطلق الأرستقراطي والكاتب البولندي جان بوتوكي
رصاصة فضية على نفسه.
ابتلعت سارة تيسديل زجاجة الأحزان
بعدما غطست في حمام دافئ
قطع فيه عشرات النواب الرومان شرايينهم تحت الماء.
لاري وولترز اشتهر بطيرانه في مقعد
متصل بخمسين بالون معبأ بالهيليوم.
ارتفع حتى بلغ 16000 قدم
ثم هبط.
كان الرجل الذي طار.
أطلق رصاصة على قلبه،
في الصباح،
ها أنا أنهض من سريري
أغسل أسناني
ووجهي،
ووجهي،
أرتدي أفضل ما لدي من ثياب.
أريد أن أكون اليوم كريما مع نفسي.
شجن
حينما يقبل الشجن إليك
غوريلا أرجوانيةً
فاعتبر نفسك سعيد الحظ.
عليك أن تقدِّم لها بقايا عشائك
والكتاب الذي كنت تحاول أن تنهيه
عليك أن تنحِّيه جانبا
وتخلي لها مكانا بجوار سريرك،
وتتحرك عيناها بين الساعة والتليفزيون
وبالعكس.
ولست خائفا.
هذه ليست المرة الأولى لها في هذا المكان
وأنا الآن أعرف مشيتها
وهي تقترب من البيت.
حتى أنني في بعض الليالي
حين أعرف أنها آتية
أترك الباب مفتوحا
وأستلقي على ظهري
وأعد خطواتها
من الشارع إلى السقيفة.
الليلةَ تأتي ومعها قلم رصاص وحزمة ورق
وتطلب مني أن أدوِّن
أسماء كل من عرفتهم
ثم نقسِّمهم إلى أحياء وأموات
بحيث يمكنها أن تنتقي من الأسماء عشوائيا
أضع لها شريط ويلي نيلسن المفضل
لأنها تفتقد تكساس
لسبب لا أعلمه.
تدندن قليلا
دندنة أخي وهو يعمل في الحديقة.
نجلس نحو ساعة
تبيّن لي فيها كم كنت منافيا للمنطق
وأنا أنتظر دوري لأدفع ثمن مشترياتي،
وأنا أرفض الأكل
وأرفض الاستحمام
وأسرف في التدخين وأسرف في الشرب؟
وأخيرا تلف ذراعيها الأرجوانيين الثقيلين حولي
وتسند رأسها إلى رأسي
وإذل بكل الأشياء تبدو رومانتيكية.
وأقول لها
تبدو الأشياء رومانتيكية.
تنتقي اسما آخر
هذه المرة من بين الموتى
وتلتفت إليّ كما يلتفت الآباء
فيشعرونك بالخجل والحرج من شيء ما.
وتقول: رومانتيكية؟
وترفع صوتها بالاسم عاليا، وببطء
فأسمع منه كل حرف وكل مقطع
وإذا به يلتف حول عظامي التفاف عضلة جديدة
صوتُ جسد هذا الشخص
وكم هو اعتباطي
وكم هو اعتباطي أن يكون اسمه
في هذه الكومة
لا في تلك.
نشرت هذه المادة اليوم في ملحق شرفات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق